حكم بعض العادات التي توافق عادات الكفار، وما هو ضابط التشبه بالكفار؟
11 تشرين الأول 2024
السؤال :
أردت أن أسأل عن حفلات الزفاف، ويقصد بحفلات الزفاف: تلك الحفلات التي تكون قبل زواج المرأة، حيث تقوم النساء بإعداد حفلة للمرأة التي تريد أن تتزوج قبل عقد النكاح قبل الزواج بأيام، وهذه الطريقة من الاحتفال معروفة في أمريكا الشمالية، فهل هذا من التشبُّه بالكفار، وقد علمتُ أنَّ الأصل في كلِّ عمل ما عدا العبادات هو الإباحة، فهل هذا يكون من التشبُّه بالكفَّار؟
الجواب :
الحمد لله رب العالمين.
القاعدة صحيحة، الأصل في العادات الإباحة، والأصل في العبادات الحظر والمنع حتى يقوم الدليل الخاص على مشروعيَّة هذه العبادة، وبالتالي فإنَّ الاحتفال بمناسبة الخطبة والزواج والنكاح هذه من العادات، والأصل في الاحتفال بمناسبة الزواج أنَّه مشروع ومندوب إليه لمَا فيه من إظهار سنَّة المسلمين في النكاح الشرعي، وإظهار شعائر الله تعالى، وإظهار الحلال، فإنَّ هذا الاحتفال مرغوب فيه، ثمَّ المرجع في طريقة هذه الاحتفالات وفي طبيعتها وهل تكون قبل النكاح أم بعده؟ أم يتكرر الاحتفال؟ هل يكون هناك احتفال بمناسبة الخطبة ثمَّ قبل العقد وبعد العقد وبعد الدخول إلى غير ذلك؟ هذه كلها المَرجع فيها العادات والتقاليد، فإنَّه حتى في البلاد الإسلامية المسلمون يختلفون في عاداتهم وتقاليدهم حسب بلدانهم وأقوامهم وأعراقهم، يختلفون في طريقة الاحتفال، وفي صورة الاحتفال بمناسبة الزواج، فالأصل في ذلك كله الإباحة إلَّا أن يكون هناك شيء من المحرَّمات أو المنكرات فيكون المنع لهذا السبب الطارئ ممَّا يخالف شرع الله عز وجل
أما قضية التشبُّه وأنَّ هذه الحفلات تكون في أمريكا الشمالية، فربما المسلمون قد أخذوها منهم، فنقول: هذا لا يظهر في مثل هذا الاحتفال الاختصاص بالكفَّار، بل هذه عادات عامَّة وأمور مشتركة ولا بأس من الأخذ بها.
وإنَّما المنهي عنه من التشبُّه ما كان فيه اختصاص بالكفَّار وذلك في أمرين
الأول: ما كان بسبب الدِّيانة، يعني: يختصُّ بهم في دينهم وعقيدتهم وعبادتهم، هذا لا شكَّ هو المحرَّم أصالة والمنهي عنه فلا يجوز للمسلم أن يتشبَّه بهم، أو يأخذ بعاداتهم وتقاليدهم فيما يختصُّون به في دينهم وعبادتهم.
ثمَّ القسم الثاني: ما فيه اختصاص بالكفَّار وإن لم يكن دينيًّا، لكنَّه من العادات والتقاليد الخاصة، فهذا أيضا ينبغي عدم التشبُّه فيه، مثل أن يكون هناك لباس خاصٌّ يلبسونه ممَّا توارثوه واختصُّوا به وإن لم يكن دينيًّا، لكن مَن لبسه فإنَّه سيُنسب لهذه الدِّيانة أو لهذه الطائفة، فهنا يُقال: لا يجوز لك أن تتشبَّه بهم لأنَّك إن لبستَ هذا الثوب الخاص فسيقولون إنَّك من الملَّة الفلانية أو من أتباع الدِّيانة الفلانية، فهناك اختصاص فهنا لا يجوز.
إذن إذا كان الأمر من العادات ومن الأمور المشتركة العامَّة، وليس فيه اختصاص لا من جهة التديُّن والعبادة، ولا من جهة التميُّز بأمرٍ يختصُّ به هؤلاء القوم من غير المسلمين، فالأصل في العادات والتقاليد وفي هذه المناسبات والاحتفالات الحِلُّ والإباحة.
والله أعلم، والحمد لله رب العالمين
أملاه: عبد الحق التركماني
المحرَّم 1446