في مسأله حضانة الطفل بعد الطلاق أو الخلع
24 شباط 2025
السؤال :
أنا متزوج ولدي ابنة تبلغ من العمر خمس سنوات، واجهت أنا وزوجتي بعض المشاكل الزوجية من سوء التفاهم والخلاف، ثم سافرنا إلى بلد زوجتي وقررتْ زوجتي البقاء هناك مع ابنتي، ورجعتُ أنا إلى بريطانيا، وقبل ثلاثة أشهر أخبرتني عائلتها أنها تريد الانفصال عني وتريد مني تطليقها وهي مصرَّة على ذلك.
هل يمكنكم التكرُّم بالإجابة على أسئلتي التالية من فضلكم.
أولًا: إذا توليتُ حضانة ابنتي وأعدتها إلى المملكة المتحدة فهل هذا حرام في الإسلام؟
ثانيًا: لا توافق زوجتي على اتفاقية الطلاق فيما يتعلَّق بحضانة الطفل بعد زواجها مرة أخرى، كما أنها لا تريد أن يسافر طفلي معي إلى الخارج أثناء العطلة المدرسية، ماذا يحدث إذا خلعتني ولم توافق على الشروط والأحكام؟
أرجو أن تنصحوني بشأن الأمر أعلاه حيث إنني في محنة كبيرة جزاكم الله خيرًا.
الجواب :
الحمد لله رب العالمين.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يفرج عنك في محنتك ويصلح لك زوجتك وذريتك، وأسأله تعالى أن لا تنتهي هذه المشكلة بالطلاق أو الخلع، بل أن ييسر الله سبحانه وتعالى لكما التفاهم والتآلف والاجتماع بعد حصول هذا الخلاف وما ذلك على الله بعزيز.
أما الجواب على سؤالك.
أولًا: موضوع الحضانة موضوع مستقل عن موضوع الطلاق والخلع فهذا الموضوع يُنظر إليه نظرة مستقلة، فالواجب عليكم الآن حل المشكلة؛ إما التفاهم وأن ترجعوا إلى بعض، وإما الطلاق، وإما الخلع، ثم بعد ذلك يكون هناك تحاكم إلى شرع الله عز وجل فيما يتعلق بالحضانة، ونحن عادة لا نفتي في هذه المشاكل الزوجية؛ لأن هذه الوقائع تحتاج إلى السماع من الطرفين وتحتاج إلى نظرة متأنية، فلذلك أنصحكما بالرجوع إلى مركز إسلامي، أو إلى مَن تثقون بدينه وعلمه ونصيحته وحكمته حتى يحكم بينكما ويسمع منكما سماعًا مطولًا لجميع المشاكل، وينصحكما بحل هذه المشكلة، وكذلك لا بد من تدخل الأهل ومساعدتهم في التوفيق بينكما.
لكن نرجع إلى سؤالك الأول حول الحضانة إذا أخذت ابنتك وأعدتها إلى بريطانيا هل هذا حرام في الإسلام؟
أقول أخي الكريم: تنظر في هذه المسألة إلى مصلحة هذه البنت، وهذه النظرة إلى المصلحة تكون أولًا مصلحة دينها وتربيتها على الإسلام وعلى الأخلاق الحميدة، ثم المصلحة الدنيوية فيما يتعلق بالسكن والصحة والتعليم وما إلى ذلك، فتُوازِن بين المصلحتين وتقدِّم المصلحة الدينية، فإذا كان من مصلحة هذه البنت في دينها ثم في دنياها أن تبقى مع أمها في بلدها فهذا هو الواجب، وإن كنت ترى أنك أولى بذلك وأنك تقوم برعايتها في دينها وفي دنياها، ولك من الوقت والجهد والقدرة ما ليس للأم فهذا هو الأولى والأحق، فهذا الأمر لا يُقال فيه أنه حلال أو حرام، وإنما يُنظَر إلى الواقعة المعيَّنة، ويُنظَر إلى المصلحة المتحققة أو المصلحة التي نرجو أن نحققها من هذا التصرف.
النقطة الثانية بالنسبة للحضانة:
كما ذكرت الحضانة موضوع مستقل، ومسألة لا علاقة لها بقضية الخلع والطلاق، فإذا انتهيتم من موضوع الخلع والطلاق إما أن ترجعوا إلى بعض وتتفاهموا، وإما أن يحصل الطلاق، وإما أن يحصل الخلع، ثم بعد ذلك تأتي قضية الحضانة.
فهنا نقول كحكم عام وليس الحكم في واقعتك المعيَّنة: إن الأم أحق وأولى بحضانة الطفل ما لم تتزوج، ثم إذا تزوجتْ هنا أيضًا ننظر في حالك هل أنت تستطيع أن تقوم بهذه الحضانة، يعني: هل أنت متزوج، أم أنك تعيش وحدك؟ وهذه البنت إذا جاءت عندك ربما لا تجد من يقوم برعايتها والاهتمام بها وهي تضيع في بيت ليس فيه امرأة، فهذا أيضًا لا بد من أخذه بنظر الاعتبار.
ولهذا نقول في هذه المسائل: لا بد من الرجوع إلى أهل العلم والحكمة والخبرة حتى يحكموا بينكم في هذه الواقعة المعيَّنة.
والله سبحانه وتعالى أعلم والحمد لله رب العالمين.
أملاه: عبد الحق التركماني
شعبان 1446