موقع الشيخ عبد الحق التركماني - هل يمكننا أن ننال نفس الأجر والثواب الذي نالوه الصحابة والسلف من قبلنا؟

/ 12 أذار 2025

للتواصل 00447432020200

هل يمكننا أن ننال نفس الأجر والثواب الذي نالوه الصحابة والسلف من قبلنا؟

11 أذار 2025

السؤال :

في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كان الصحابة يقطعون رحلات تستغرق أسابيع أو حتى أشهر في رواية حديث أو البحث عنه، وكان من اتَّبعهم مثل الإمام أحمد يسافرون مسافات طويلة باستخدام وسائل مثل الإبل وغيرها من الماشية.

اليوم مع التطورات مثل: السيارات والطائرات والإنترنت، يمكننا الوصول بسهولة إلى الحديث من خلال البحث السريع، أو غير ذلك من الوسائل المريحة.

كانت تضحياتهم من أجل العلم هائلة، وكان أجرهم متوافقًا مع جهودهم، هل من الممكن أن ننال نفس المستوى من الأجر والثواب في عصرنا على الرغم من سهولة الوصول إلى مثل هذه المعرفة، إذا كان الأمر كذلك فكيف يمكننا أن نسعى لتحقيقه؟

الجواب :

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الله سبحانه وتعالى قال في كتابه: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100)﴾ [التوبة: 100].

وقال بعض أئمة التفسير في قوله تعالى ﴿وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ﴾: هم من بقي من أهل الإسلام إلى أن تقوم الساعة.

فكل من اتبع وسار على نهج المهاجرين والأنصار، على نهج أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بإحسان فإنه موعود بهذا الأجر العظيم، ولا ينبغي أن نحرص كثيرًا على المقارنة، فلا شك أن أولئك السابقون الأولون لهم الدرجة العليا ولهم السابقة، وكذلك كل ما نعمله من أعمال ونتعلمه من علم إنما وصَلَنا عن طريقهم، فكلما ازددنا خيرًا ازدادوا هُم أجرًا وثوابًا؛ لأنهم كانوا السبب في هذا.

إذن أولًا: أن لا نهتم كثيرًا بالمقارنات.

ثانيًا: صحيح أنهم كانوا يعانون من السفر، ومن مشقة الوصول الى العلم، لكن كانت تلك طبيعة حياتهم والوسائل المتاحة في زمانهم، أما في زماننا هذا فالأمر اختلف، فنحن نلاحظ في هذا الزمان كثرة الفتن، والمعوقات، وضعف الدين، وانتشار الجهل، والكفر، والشبهات؛ ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم قال عن حالنا: «بدأ الاسلام غريبًا، ثم يعود غريبًا، فطوبى للغرباء»، فنحن أيضًا إذا تمسَّكنا بهذا الدين نطمع في أن نصل إلى هذا الوعد الجميل، وننال هذا الثواب العظيم، كذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال مرة وهذا في صحيح مسلم: «وددت أني رأيت إخواني » فقال الصحابة: أولسنا إخوانك يا رسول الله؟ قال: «أنتم أصحابي وإخواننا الذين لم يأتوا بعد».

فإذا فاتتنا الصحبة، فلا تفوتنا الأخوة في الاتباع والتعظيم والسير على منهاج النبي صلى الله عليه وسلم.

فالجواب على هذا السائل: أن نبذل جهدنا قدر الإمكان في الوصول إلى الحقيقة، مع تصحيح النيَّة، وإخلاص العمل لله عز وجل.

والحقيقة تكون في اتباع الكتاب والسنة، ونستعين بذلك بكتب السلف مثل التفاسير المعتمدة الصحيحة كتفسير الطبري، وتفسير ابن كثير، وتفسير البغوي، وتفسير السعدي، يعني: أن نستعين بكلام العلماء في الوصول إلى الحقيقة، ثم يلزمنا بعد ذلك العمل.

نسأل الله أن يوفقنا للعلم النافع والعمل الصالح.

 

أملاه: عبد الحق التركماني

رمضان 1446