حكم إقامة صلاة العيد في الصالات والملاعب المغلقة المسقوفة
25 أيار 2025
السؤال :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حياك الله شيخنا الوالد الأستاذ عبد الحق التركماني حفظكم الله.
عندي السؤال نحن مجموعة من الإخوة نريد تطبيق السنة حسب قدرتنا في بريطانيا، والله نسأل التوفيق.
من المعلوم من سنن صلاة العيد في المصلى خارج المسجد وفي بريطانيا لدينا بعض الصعوبات.
لكن وجدنا هذا العيد مكانًا وهو ميدان لملعب الكرة وعلى هذا الميدان سقف من بلاستيك لتحافظ على الميدان من مختلف المواسم لدينا في هذا البلد.
أنكر احد المصلين في المسجد وقال هذا الفعل يخالف السنة وهو بدعة لأن الشرط صلاة العيد تكون في ميدان مثل الصحراء بدون السقف.
علما مسجدنا بحجمها صغير وهذا المكان أكبر من مسجدنا وفي المستقبل لما يكون العيد في مواسم المطر ستكون على هذا الميدان سقف ليحافظ على كبار السن والأطفال.
فهل الخروج من المسجد إلى هذا المكان بدعة بسبب السقف عليها؟ وهذا شخص قام بعد الجمعة وخطب الناس وانتشرت الفتنة بسبب قوله. جزاكم الله خيرًا.
الجواب :
الجواب:
الحمد لله رب العالمين.
1- أول ما يجب معرفته في هذه المسألة أن إقامة صلاة العيد في (المصلَّى) ـ والمصلى: هو مكان في الفضاء والصحراء، خارج المدينة تؤدى فيه صلاة العيد ـ سنة عملية من سنن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وليست شرطًا من شروط صلاة العيد ولا واجبًا من واجباتها، بل أجمع الفقهاء جميعًا على جواز صلاة العيد في المسجد وجوازه في المصلى، لكن جمهور العلماء قالوا: إن إقامتها في المصلى هي السنة اتباعًا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم.
2- إذا علمنا أن إقامة صلاة العيد في المصلى سنة وليست واجبًا، فينبغي علينا أن نحرص على إقامتها في المصلى اتباعًا للسنة، ومن صفتها أن تكون في مكان عراء خارج المدينة. فإن لم يتيسر ننظر في المقصود من هذه السنة، فنحرص على تحقيقه.
3- والذي يظهر من فعل النبي وقوله صلى الله عليه وسلم أن المقصود من هذه السنة أمران:
الأول: إظهار هذه الشعيرة العظيمة من شعائر الإسلام، لهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هذا عيدنا أهل الإسلام». أخرجه أحمد والبخاري.
قال ابن النجَّار الحنبلي (ت: 972) في «شرح منتهى الإرادات» 2/505: «وتسن صلاة العيد بصحراء قريبةٍ عرفًا من البنيان. لقول أبي سعيد رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج في الفطر والأضحى إلى المصلى. متفق عليه. وكذلك الخلفاء بعده. ولأنه أوقع لهيبة الإسلام وأظهر لشعائر الدين. ولا مشقة في ذلك لعدم تكررها بخلاف الجمعة».
الثاني: تيسير اجتماع المسلمين في مكان واحد لإقامة هذه الشعيرة، وتشجيعهم على حضورها، وتكثير عددهم تعظيمًا لها وتعرضًا لرحمة الله وبركته في ذلك اليوم، لهذا أمر صلى الله عليه وسلم النساء بالخروج المصلى، وقال: «ليشهدن الخير ودعوة المؤمنين، ويعتزل الحُيَّض المصلى». أخرجه البخاري.
ومن المعلوم أن المسجد يضيق عن مثل هذا الاجتماع الكبير. وقد صرَّح الإمام الشافعي رحمه الله أن هذا علة هذا الحكم، أي أن ضيق المسجد هو سبب خروجه صلى الله عليه وسلم إلى الصحراء.
ولا يظهر من الأدلة أن مقصود النبي صلى الله عليه وسلم في خروجه إلى المصلى أن يكون في موضع (غير مسقوفٍ) كما جاء في هذا السؤال، ولكن هذا وقع له اتِّفاقًا.
وقد أجمع الفقهاء على صحة صلاة العيد في المسجد، والمسجد لا بد أن يكون مسقوفًا، فعلمنا أن وجود السقف أو عدمه لا تعلق له بصلاة العيد.
لهذا فلا حرج إطلاقًا على الإخوة في المركز الإسلامي أن يستأجروا ملعبًا رياضيًّا أو صالة كبيرة لإقامة خطبة العيد وصلاته فيها، سواء كان مسقوفًا أو غير مسقوف.
بل لا حرج عليهم أيضًا أن يفضلوا استئجار المكان المسقوف على المكان غير المسقوف، لما في ذلك من التيسير على المسلمين.
ومن المعلوم أن بريطانيا بلد تكثر فيه الأمطار، ويشتد البرد، خاصة ونحن مقبلون على سنوات طويلة يقع فيها العيدان في موسم الشتاء، فمن حقِّ المسلمين على القائمين على المراكز الإسلامية أن يستأجروا لهم الصالات والملاعب المسقوفة، لحمايتهم من البرد والمطر، وتوفير الخدمات اللازمة لهم دون مشقة ولا ضرر.
وما قام به هذا الأخ ـ غفر الله له ـ من الاعتراض على إدارة المسجد أمام المصلين؛ خطأ وسوء تصرف، فكان الواجب عليه ـ إن أحب أن يشرح وجهة نظره لإخوانه في الإدارة ـ أن يكلمهم في السر، ولا يثير فتنة بين المصلين.
أسأل الله تعالى أن يبارك على المسلمين عيد الأضحى (1446)، ويتقبل منا ومنكم صالح الأعمال.
كتبه:
عبد الحق التركماني
27 / 11 / 1446