موقع الشيخ عبد الحق التركماني - الحامل والمرضع إذا أفطرتا في رمضان

/ 27 تموز 2024

للتواصل 00447432020200

الحامل والمرضع إذا أفطرتا في رمضان

23 نيسان 2024

السؤال :

إحدى الأخوات تسأل أنها أفطرت في رمضان لأنها كانت حاملًا، ثم أفطرت لأنها كانت ترضع، فهل يجب عليها القضاء أم يجوز لها أن تكفر بإطعام مسكين؟

الجواب :

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.

هذه المسألة يكثر السؤال عنها من قبل الأخوات.

وقد تأملت هذه المسألة كثيرًا، ونظرت في أدلتها وأقوال الأئمة فيها، واطمئنَّ قلبي إلى صحة قول الإمام المحدث الفقيه إسحاق بن راهويه رحمه الله، وهو تخيير الحامل والمرضع إذا أفطرتا بين القضاء والإطعام.

فقد ذكر إسحاق بن منصور الكوسج في «مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه» 3/1247 (713) في الحامل والمرضع: «قال إسحاق: لا يقضيان جميعًا إلا أن يختارا القضاء لكي لا يطعما».

وقال الكوسج 3/1346 (782): «قال إسحاق: السنة في ذلك ما قال ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما، أي: يفطران ويطعمان عن كل يوم مسكينًا، وإن شاءتا قضتا من غير أن يوجب ذلك عليهما، وإن شاءتا قضتا ولا طعام عليهما».

وساق الترمذي (724) بإسناده حديث أنس بن مالك الكعبي رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّ الله وضع عن المسافر شطر الصلاة، وعن الحامل أو المرضع الصوم». ثم قال الترمذيُّ: «والعمل على هذا عند بعض أهل العلم. وقال بعض أهل العلم: الحامل والمرضع تفطران وتقضيان وتطعمان، وبه يقول سفيان، ومالك، والشافعي، وأحمد. وقال بعضهم: تفطران وتطعمان ولا قضاء عليهما، فإن شاءتا قضتا ولا إطعام عليهما، وبه يقول إسحاق».

وقول إسحاق ـ هذا ـ نقله أيضًا البغوي في «شرح السنة» 6/316.

وتظهر صحة اختيار الإمام ابن راهويه وقوة مذهبه بالنظر في أمرين:

الأول: أن القضاء هو الأصل في حق المريض والمسافر، والحامل والمرضع أشبهتا المريض في العذر، فالأولى في حقها القضاء.

وقد قال كثير من الأئمة بأن الحامل والمرضع يفطران ويقضيان ولا طعام عليهما بمنزلة المريض يفطر ويقضي، منهم: الحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، والضحاك، والنخعي، والزهري، وربيعة، والأوزاعي، وسفيان الثوري، أبو عبيد، وأبو ثور، وأبو حنيفة. (الإشراف لابن المنذر: 3/151).

الثاني: أن الحامل والمرضع لهما خصوصية، وهي تكرر الحمل والرضاعة في سنوات متعاقبة أو متقاربة في حق كثير من النساء، ففي إلزامهما بالقضاء مشقة بالغة عليهما، لهذا جعل لهما الإطعام بدل القضاء.

والقول بأنهما تفطران ‌وتطعمان ولا قضاء عليهما مرويٌّ عن عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم، وبه قال سعيد بن جبير (الإشراف لابن المنذر: 3/151، الاستذكار لابن عبد البر: 3/364). ورواه عبد الرزاق في «المصنف» (7789 - 7802) عن ابن عباس، وابن عمر، سعيد بن جبير، والقاسم بن محمد، وقتادة، وإبراهيم النخعي.

والخلاصة: أن المرأة إذا أفطرت بعذر الحمل والرضاعة فالأولى في حقها القضاء ولا إطعام عليها، فإن وجدت في ذلك مشقة، خاصة مع تكرر الحمل والرضاعة، أو انشغلت برعاية ولدها وحقوق زوجها؛ فلها أن تطعم عن كل يوم مسكينًا. فهي مخيرة بين القضاء والإطعام، ولا حرج عليها، وبالله تعالى التوفيق.

كتبه: عبد الحق التركماني

الثلاثاء 14 شوال 1445، الموافق: 23 نيسان 2024.