موقع الشيخ عبد الحق التركماني - دعوتُ الله كثيرًا ولم يستجب لي

/ 21 كانون الأول 2024

للتواصل 00447432020200

دعوتُ الله كثيرًا ولم يستجب لي

18 حزيران 2024

السؤال :

لماذا لا يستجيب الله لدعائي؟ استمر في طلب حاجة معينة ولم أحصل عليها بعد، ولا مزيد من الدافع للدعاء، أنتظر ردك يا شيخ؟

الجواب :

الحمد لله رب العالمين.

يجب علينا أن نعلم أولًا وقبل كلِّ شيء أنَّ الدعاء هو العبادة كما قال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: «الدعاء هو العبادة، قال الله تعالى: ﴿‌وَقَالَ ‌رَبُّكُمُ ‌ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (٦٠)﴾ [غافر]. أخرجه الترمذي (2969).

فالإنسان عندما يسأل الله عز وجل هو يتقرَّب الى الله، ويتذلَّل بين يديه، ويطلب فضله، فعليه أن يُقبِل على الله بهذا الشعور، وبهذا القصد والنِّية، وليس مجرد أن يطلب ما يريد وكأنَّه يريد أن يحصل على طلبه وهذا غاية قصده، لا، اجعل دعائك لله تقرُّبًا إليه، وتذلُّلًا بين يديه، وإظهارًا لضعفك وعجزك وحاجتك إلى ربك سبحانه وتعالى على وجه التعبُّد والتَّعظيم والمحبَّة والإجلال له سبحانه وتعالى.

ثمَّ من الضعف في العبوديَّة لله عز وجل أن يستعجل الإنسان، ويقول: دعوت الله ثم الآن ليس عندي رغبة لمزيد من الدعاء؛ لأنني دعوت الله فلم يُستجب لي، هذا خطأ والنبي صلَّى الله عليه وسلَّم نهى عن هذا؛ قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول قد دعوت ربي فلم يُستجب لي» أخرجه البخاري (6340) ومسلم (2735)، هنا الإنسان يستعجل ويقول دعوت ربي فلم يُستجب لي وكأنَّه يفهم أنَّ الجواب أن يُعطى ما يريد كما في هذا السؤال، أنا طلبت شيئًا معيَّنًا والله لم يعطني هذا، الدعاء ليس لهذا ليس لأن تطلب ويعطيك الله بالضبط ما تريده، وإنَّما كما قلنا الدعاء عبادة لله عز وجل فقد يعطيك الله وقد لا يعطيك، إذا أعطاك فهذا فضل منه وإحسان، وإذا لم يعطك فلله في ذلك حكمة، وأنت قد قمت بوظيفة عظيمة وهي التعبُّد لله بالتوجه إليه وإخلاص الدعاء له سبحانه وتعالى، ولهذا يقول النبي صلَّى الله عليه وسلَّم في حديث صحيح يقول: «ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث»، يعني: الدعاء بأمر ليس فيه تجاوز وليس فيه اعتداء إنَّما دعاء مشروع

«إما أن تُعجَّل له دعوته» يعني: أنَّ الله يعطيه ما يريد.

«وإما أن يدَّخرها له في الآخرة» فإذا الله سبحانه وتعالى لم يعطك فهو يدَّخر لك الأجر والثواب في الآخرة، وهذا خير لك مما لو أعطاك في الدنيا.

«وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها» يعني: بمعنى أنت تدعو الله وتسأل الله سبحانه وتعالى أن تُوفَّق للحصول على هذا العمل والله سبحانه وتعالى لا يستجيب دعائك لماذا؟ لأنَّ الله سبحانه وتعالى هو الأعلم والأحكم هو أرحم الراحمين، رحمة بك، الله سبحانه وتعالى يعلم أنَّ هذا العمل لا يناسبك وسيكون شرًّا عليك فيمنعه عنك، كذلك الإنسان قد يريد أن يتزوج امرأة أو يدخل في تجارة أو يسافر سفرًا، فيدعو الله عز وجل أن يكتب له هذا، والله لا يكتب له هذا، وبعد سنوات طويلة يكتشف أنَّ ما مُنع عنه كان خيرًا له، فيقول: الحمد لله أنا كنت أريد أن أسافر في هذه الطائرة لكن أنا ما سافرت وحصلت حوادث والحمد لله الله نجَّاني منها، وهكذا في تفاصيل الحياة وفي تجارب الحياة.

والكلام في هذا يطول، فأنصح هذا السائل والمسلم عمومًا بأن يستمع لمواعظ العلماء المتعلِّقة بالدعاء، وأن يتعلَّم هذه الأشياء يعني يطلب العلم سواء بالقراءة أو بالسماع، ويتعلَّم آداب الدعاء، والحكمة المقصودة من الدعاء، ومراتب الدعاء، ولماذا الله سبحانه وتعالى لا يستجيب لدعائنا، هذا كله يحتاج الإنسان أن يتعلَّمه ويتفقه فيه.

نسأل الله سبحانه وتعالى التوفيق والحمد لله رب العالمين.

أملاه: عبد الحق التركماني

ذو الحجة 1445