موقع الشيخ عبد الحق التركماني - هل يجوز أن أرسل أضحيتي إلى غزة

/ 30 كانون الأول 2024

للتواصل 00447432020200

هل يجوز أن أرسل أضحيتي إلى غزة

19 شباط 2024

السؤال :

هل يجوز أن أعطي أضحيتي إلى غزة؟ أو أرسل أضحيتي إلى غزة؟ هل هذا جائز أم لا؟

الجواب :

الحمد لله.

أول ما ينبغي أن ننبِّه إليه الإخوة والأخوات جميعًا أنَّ الأضحية عبادة خالصة لله عز وجل من أهم العبادات، وهي شعيرة من الشعائر، والمقصود بها أصالةً: التقرُّب إلى الله سبحانه وتعالى بهذه الصورة من صور العبودية لله عز وجل، فهي مثل الصلاة في كونها عبادة خالصة لله، وهي قرينة الصلاة، كما قال ربنا سبحانه: ﴿فَصَلِّ ‌لِرَبِّكَ ‌وَانْحَرْ (٢)﴾ [الكوثر]، وقال أيضًا: ﴿‌قُلْ ‌إِنَّ ‌صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٦٢)﴾ [الأنعام]، النسك: الذَّبح، فذبح الحيوان وإنهار الدم تقرُّبًا إلى الله هذا من صور العبودية لله عز وجل؛ ولهذا كان الذَّبح لغير الله من الشرك الأكبر، فهذا ما يجب أن ننبِّه إليه خلافًا لما يظنُّه كثير من الناس من المسلمين للأسف الشديد؛ أنَّ الله شرع لنا هذه الشعيرة، شرع لنا الذبح في أيام العيد من أجل نفع الفقراء، ومن أجل إطعام الطعام، ومن أجل الفرح في العيد، لا، هذا خطأ، هذه ثمار وآثار وفوائد لإقامة العبودية لله عز وجل، فنحن نذبح تعبُّدًا لله عز وجل، ونقيم هذه الشعيرة؛ لأنَّها شعيرة تعبدية مثل الصلاة تمامًا، ثم بعد ذلك قد يستفيد الفقراء، ويستفيد مَن حولنا من الناس ويأكلون من اللحم وقد لا يستفيدون؛ لأنَّه قد لا يكون هناك فقراء يحتاجون إلى اللحم فماذا نفعل؟ هل نترك الأضحية؟

يعني تصور لو كان هناك أحد من المسلمين وقد منعه الطبيب من أكل اللحم، فجاء عيد الأضحى وذبح أضحيته، وهو لا يستطيع أن يأكل، وليس حوله من الفقراء مَن يعطيهم من هذا اللحم، هل نقول له اترك الأضحية أم ضحي؟ نقول: لا، ضحي، وهذا اللحم ليس مهمًّا إن لم يأكله أحد، المهم أن تذبح لله عز وجل لأنَّ هذا هو المقصود الأصلي من هذه العبادة، ثم قد يستفيد الفقراء وهذا شيء طيب وحسن، وهو من ثمار وفوائد هذه العبادة، وقد لا يستفيد الفقراء؛ لأنَّ هذا ليس هو المقصود الأصلي من هذه العبادة.

إذن هذا أمر في غاية الأهمية يجب علينا أن ننبِّه إليه ونشرحه قبل أن نتكلَّم في هذا الموضوع.

النقطة الثانية وهي في الحقيقة متفرِّعة عن النقطة الأولى السابقة: أنَّ المقصود بالأضحية أن يضحي الإنسان بالمكان الذي هو فيه، إما أن يضحِّي بنفسه أو يضحي له من يوكِّله بالذبح، حتى يستطيع أن يأكل من أضحيته، فإنَّ من السنَّة أن يأكل الانسان من أضحيته فهذا أفضل وأحسن.

ثمَّ النقطة الثالثة وهو سؤال هذا الأخ هل يجوز أن أبعث أضحيتي إلى مكان آخر؟

نقول: هذا جائز، توكِّل أحدًا سواء في غزة أو في غير غزة إذا كان هذا الوكيل أمينًا صادقًا ويذبح عنك ويعرف أحكام الأضحية، يسمِّي الله ويعيِّن هذه الأضحية لك فيقول: بسم الله، اللهم هذا عن فلان وعن أهل بيته ويسمِّيك نيابة عنك ووكالة عنك فيذبح، هذا لا حرج فيه، لكن إن كان السؤال أنَّه لا توكِّل أحدًا وإنَّما تبعث المال إلى غزة فهل هذا يأخذ حكم الأضحية؟

فنقول: هذا لا بأس فيه هذا جائز أن تساعدهم من مالك لكن هذا ليس أضحية، أنت بهذا تُحرَم من أجر وثواب الأضحية في العيد، أنتَ بهذا الفعل تكون قد تصدَّقت بالمال، نسأل الله أن تكون صدقتك مقبولة وتُؤجَر عليها، لكن هذا ليس أضحية وإنَّما صدقة بالمال، والأضحية كما قلنا ليست صدقة، وإنَّما هي شعيرة تعبُّدية خاصة لها صفة خاصة وليست صدقة عامة، فهذا أمر مهم.

ثمَّ العلماء اختلفوا في حكم الأضحية هل الأضحية واجبة أم مستحبة؟ الجمهور يقولون: إنَّها مستحبة، والحنفية يقولون بأنَّ الأضحية على المُوسِر المقيم واجبة، وهذا ما رجَّحه شيخ الإسلام ابن تيمية؛ لأنَّ النبي صلَّى الله عليه وسلَّم داوم على الأضحية في عيد الأضحى، فينبغي على الإنسان أن لا يحرم نفسه من هذا الأجر، ونحن في هذه البلاد قد يتعذَّر علينا ويصعب علينا الأضحية، فلا بأس أن نوكِّل أحد الأشخاص أن يضحِّي في بلد آخر ثمَّ بعد ذلك الموجودون في ذلك المكان من الأقرباء والأصدقاء وكذلك من المحتاجين من المسلمين يستفيدون من هذه الأضحية، فهذا عمل طيب وعمل صالح لا بأس به، نسأل الله أن يتقبَّل من الجميع والله أعلم والحمد لله رب العالمين.

أملاه: عبد الحق التركماني

ذو الحجة 1445