حكم لبس الأسوِرَة والحلق لعلاج الأمراض
9 تموز 2024
السؤال :
ما حكم الأسوِرَة المغناطيسية لعلاج الروماتيزم، علمًا أنَّ بعض الأطباء في وسائل التواصل الاجتماعي قد ذكروا أنَّ لها تأثيرًا إيجابيًّا على الصحَّة وعلاج الأمراض؟
الجواب :
الحمد لله رب العالمين.
يجب علينا أن نعلم أولًا بأنَّ الشفاء بيد الله وحده لا شريك له، وأنَّ الشرع الحنيف قد أذن لنا بالتداوي، وهذا التداوي إمَّا أن يكون بأمرٍ معنويٍّ وهو الدعاء وقراءة القرآن والرقية به، فهذا أمر حسن ومطلوب، فيه اللجوء إلى الله عز وجل، وفيه التبرك بتلاوة القرآن على وجه الاستشفاء به، فإنَّ القرآن شفاء.
ثانيًا: التداوي بالأمور المادية الحسية مثل: الأدوية المعروفة، فالآن هذه الأسوِرَة؛ لبس الحلقة والسوار من النحاس أو من الفضة، هل هو داخل في الأمر المعنوي، أم في الأمر المادي؟ إن كان داخلًا في الأمر المعنوي فهذا من الشرك، وقد قال العلماء: إنَّ من الشرك لبس الحلقة والخَيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه؛ وذلك لأنَّ هذا من التعلُّق بالماديات، وبما لا يضرُّ ولا ينفع، فهذا مُشابه ومُقارب لحال عبَّاد الأوثان الذين أنكر الله سبحانه وتعالى عليهم تعلُّقهم بما لا يضر ولا ينفع ﴿قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (٣٨)﴾ [الزمر].
فإذن كشف الضر والنفع إنَّما هو بيد الله عز وجل، والتعلُّق في النفع والضر بالماديات وبالجمادات فهذا من الشرك والوثنية، ولهذا في زماننا هذا نرى أنَّ أكثر الذين يلبسون هذه الحِلَق وهذه الأسورة، ونرى دائمًا في أيديهم حلقة من فضَّة أو من نحاس، هؤلاء نراهم من الوثنيين من المشركين، فينبغي على المسلم أن لا يقلِّدهم ولا يسير في طريقهم ولا يأخذ عنهم.
إذن التعلُّق المعنوي بهذه الأسورة وما يُلبَس من الحديد أو الفضة أو النحاس ـ والحديد طبعًا هو أيضًا محرَّم من جهة كونه حديدًا، وكذلك الذهب بالنسبة للرجال ـ هذا كله لا يجوز، وهذا من الشرك، كذلك هو من التعلُّق بالوهم والخيال والكذب وما ليس له حقيقة إلا وساوس الشيطان.
الأمر الأخير: إذا كان استعمال هذه الأسوِرَة والحلق ليس لسبب معنوي أي: ليس من سبب التعلُّق بها، أو ليس بسبب الاعتقاد فيها، وإنَّما كان لسبب مادي حسي من باب التداوي كما نتداوى بأخذ الأدوية، وكما نتداوى بالأعشاب وببعض الأطعمة، هنا نقول: إذا ثبت بالتجربة الحسية المادية أنَّ هذا نافع من جهة تنظيم دقَّات القلب أو خفض الضغط أو ينفع للعضلات أو غير ذلك من الأمور، وثبت هذا بالحِسِّ والتجربة، فنقول: لا بأس به، وإن كان الأصل والأفضل والأحسن تجنبها والابتعاد عنها؛ لأنَّها وسيلة للفتنة، كما قال الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى: هذا يكون سببًا للفتنة بهذه الماديات والتعلُّق بها، فينبغي عدم استعمالها سدًّا لذريعة الشرك، وحسمًا لمادة الفتنة، هكذا قال الشيخ.
لكن لمَن يستعملها نقول: تستعملها بشروط:
أن تكون الفائدة قد عُلِمت بالتجربة الحسية والمادية، وأنَّ هذا قد عُلِم من خلال الأطباء المختصين، فلا يجوز أن تأخذ العلم بهذا من الذين ورثوه من آبائهم من الوثنيين والمشركين، يعني: إذا جاءك مَن يعالج علاجًا بالطب التقليدي يعني بالأعشاب أو ما يُسمَّى الآن الطب البديل أو الطب الصيني وما إلى ذلك، فلا تأخذ عنهم ولا تصدقهم وإن قالوا إنَّ هذا ثابت فائدته ومنفعته بالحس والتجربة، لا تأخذ ولا تصدق لماذا؟ لأنَّهم يستندون في دعوى الحس والتجربة عمَّا ورثوا عن آبائهم المشركين الوثنيين الذين يعتقدون في الأصنام والأوثان وفي الجمادات وفي مثل هذه الأشياء، فلا يجوز أن تأخذ عنهم، لكن إذا جاءك باحث علمي وطبيب متخصص وقال لك: إنَّ هذا ثبت بالحس والتجربة أنَّ له فائدة في مثلًا: تنظيم الدورة الدموية أو في دقات القلب أو في تشنُّج العضلات وما إلى ذلك، وأنَّ هذا مُعتَمدٌ في الأبحاث العلمية فيمكن أن تترخَّص في هذه الحالة، ولهذا هذه الأمور لا تُؤخَذ من وسائل التواصل الاجتماعي، ولا من صفحات الفيسبوك، ولا من قال فلان وعلَّان، فكما نرجع في كسور العظام وفي العمليات إلى الطبيب المتخصص، هذا يُرجَع به أيضًا إلى طبيب متخصص، ولا نقبل إطلاقًا أقوال الذين يتكلمون أو يعالجون بالطاقة، السيطرة على الطاقة وبإخراج الطاقة السلبية وجلب الطاقة الإيجابية، هذا كله كذب ودجل وإلحاد ووثنية جديدة وتدمير لعقائد المسلمين وربط لهم بالعقائد الوثنية والشركية، وتعليق لهم بالأوهام والخيالات وأخذهم إلى سبيل الشيطان.
فينبغي على المسلم أن يكون حذرًا، ويحافظ على عقيدته وتوحيده، ويتعلَّق بالله سبحانه وتعالى، ويعلم أنَّ النفع والضر بيده سبحانه وتعالى، فيستخدم الأسباب الشرعية المعروفة من التداوي بالقرآن وبالدعاء ونحو ذلك، أو التداوي بالأدوية الحسية المادية التي هي من المُباحات وهي من الأمور المشروعة، وممَّا أرشد إليه الشارع كالتداوي بالعسل مثلًا، أو لم يرشد إليه وعَلِمه الأطباء، فكلُّ هذا جائز ومستحبٌّ بخلاف التعلُّق بالأمور التي لم تثبت في الطب المادي الحسي.
والله سبحانه وتعالى أعلم، وصلَّى الله وسلَّم على محمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أملاه: عبد الحق التركماني
المحرَّم 1446