موقع الشيخ عبد الحق التركماني - الصلاة لا تغير العالم، الصلاة تغيرنا نحن ونحن نغير العالم

/ 21 كانون الأول 2024

للتواصل 00447432020200

الصلاة لا تغير العالم، الصلاة تغيرنا نحن ونحن نغير العالم

نشرت بواسطة : إدارة الموقع 22 أذار 2020 2271

قصة مقال: (يوم تركت الصلاة):

يعَدُّ مقال: (يوم تركت الصلاة) الذي نشر لأول مرة في صحيفة (الاقتصادية) السعودية، يوم الاثنين 17/9/2007، العدد: (5089)؛ أشهر مقالات الكاتب والإعلامي ورجل العمل الخيري السعودي الأستاذ نجيب الزامل.

بدأ الزامل مقاله بهذه الجملة: (السرُّ في الصلاة أنها لا تغير العالم. الصلاة تغيرنا نحن.. ونحن نغير العالم)، ثم ذكر قصته يوم كان في سنِّ الشباب حيث مال للاطلاع والقراءات المختلفة، قال: «حتى انتزعتني أفكار الوجودية، والتي كانت أول مزالقي نحو كل الفلسفات». وذكر أنه كان له أستاذ في مرحلة الثانوية، متدينٌ، يتعهده بالنصيحة وحسن التوجيه، فقال له يومًا: «لماذا لم تعُدْ تصلي؟ سألني أستاذي بحدة عميقة، فأجبته: وهل تغير الصلاةُ العالم؟ فأجابني إجابة طيَّرتْ عقلي، وخلخلت أركانَ نفسي التي ظننت أنها مكينة.. (نعم الصلاة لا تغير العالم، ولكنها تغيرنا فنغير نحن العالم).. ولكني صارعتُ أثَر الجملة المريعة.. ومضيت في غيِّي».

ثم ذكر الزامل قصة رجوعه إلى الله تعالى حينما اشتدَّ عليه المرضُ: «مرَّت سنوات، عدت للمنزل.. وكان بيتنا لا مهادنة فيه بالنسبة للصلاة وفي المسجد، كان أبي يجعل من خروجه للمسجد طقسًا ضوئيًّا، ووالدتي توقظنا للصلاة قبل أن يصدح الأذان.. جرْجرتُ نفسي وعدتُ للصلاة، ولكن مكابرتي كانت في الداخل... ويومًا مرضتُ.. وقال لي الطبيب: «آسف يا نجيب، ستموت لا محالة بعد تسعة أشهر» ... كنت في مدينة تاكوما الساحلية بأمريكا، ورحتُ وحيدًا إلى تلة خضراء، ورأيت المحيط الجبّارَ شاسعًا أمامي.. ولا شيء إلا أنا والسماء والماء.. والموت، والحياة. وسألت نفسي هل أغيِّرُ شيئًا؟ ورحت متأملًا، والدموع تنفر فتغطي شساعة المحيط بسرابيةٍ مهيبةٍ مبهمةٍ.. وفجأة، قفزت تلك العبارة إلى رأسي: «الصلاة تغيرنا، ونحن نغير العالم».. وبسرعة ذهبت إلى حيث أقيم وأبرقت لأستاذي تلك الجملة بلا مقدمات ولا خواتيم.. وردَّ علي: «لقد استردَّك الله.. عش مطمئنًا». أعظم صلاة أخذت بمجامعي كانت على ساحل الأطلسي في تاكوما الأمريكية.. وعرفت أن الله حق.. وعرفت ما معنى الحق.. وأن معناه النهائي في السماء لا في الأرض.. ولم أمُتْ.. حتى الآن».

ومات نجيب الزامل يوم السبت 4/1/2020، بعد معاناة طويلة من مرض الكُلى، رحمه الله تعالى وغفر له وأسكنه فسيح جناته.

نقد مقولة: (الصلاة لا تغير العالم، ولكنها تغيرنا فنغير نحن العالم):

1- ليس هذا التعليق والانتقاد عن الواقعة الخاصة بالأستاذ نجيب الزامل رحمه الله، وتوجيه أستاذه له، ولكن لانتشار هذا المقال في كثير من المواقع الإسلامية، منها: (صيد الفوائد)، حتى صارت جملة: (الصلاة لا تغير العالم ولكنها تغيرنا حتى نغير العالم) شعارًا متداولًا في وسائل التواصل الاجتماعي، وأثنى على المقال كثير من المثقفين، سواء من الإسلاميين مثل الدكتور عمر بن عبد الله المقبل ـ الأستاذ في كلية الشريعة، جامعة القصيم ـ حيث قال في تغريدة له بتاريخ 22/1/2011: «هذه مقالة من أروع ما قرأت للأستاذ نجيب الزامل»، والدكتور عبد العزيز الشايع ـ الأستاذ المشارك بقسم السنة، جامعة الإمام ـ، حيث قال عن المقال في تغريدة له بتاريخ 4/1/2020: «كلمات باقية للراحل الأديب نجيب الزامل»، أو من الليبراليين كالدكتور عبد الله الغذامي الذي أحال إلى المقال في تغريدة له بتاريخ 4/1/2020، قائلًا: «السر في الصلاة أنها لا تغير العالم، لكنها تغيرنا ونحن نغير العالم. مقال نجيب الزامل: يوم تركت الصلاة، رحمه الله وأكرم نزله». وأشاد بهذه الكلمة المحامي المصري الشهير منتصر الزيات في مقاله: «الصلاة أولًا»، نُشر في صحيفة (المصري اليوم)، بتاريخ: 8/11/2011. فلا عجب أن قال الزامل نفسه ـ في تغريدة له بتاريخ: 23/3/2018 ـ: «هذا المقال أصبح أيقونة مقالاتي».

إذن؛ نحن أمام فكرة فلسفية عميقة في تفسير الصلاة، انتشرت بين الناس انتشارًا كبيرًا، استحسنها الليبرالي، ولم ينتبه لخطورتها المتخصصون في الدراسات الشرعية. فهذا ما يستحقُّ الاهتمام والنقد. أما المواقف والتجارب الشخصية الخاصة، فينبغي التسامح فيها، وترك التعرض لها حتى لا تشتهر وتنتشر بين الناس.

2- ربما على المستوى الشخصي رأى ذلك الأستاذ ـ لا حرمه الله الأجر ـ أن مثل هذا الخطاب يناسب عقلية هذا الشاب الذي انتزعته الأفكار الفلسفية السائدة، فأجابه جوابًا جدليًّا، وقد حقَّق مقصوده في إحداث هزَّة عنيفة في ذهن الشاب، والفلاسفة يعدون هذا من فوائد الطريقة الجدلية، حيث تروض عقلية المعاند لقبول الحق والانقياد للبرهان؛ كما قال الفارابي (ت: 339) في كتاب «الجدل» من «المنطق عند الفارابي» دار المشرق، بيروت: 1986، 3/39: «الجدل ارتياضٌ ما. فصناعة الجدل صناعة رياضية، مثل سائر الصنائع التي هي رياضيات وتوطئات لأشياء أخر، مثل المصارعة والمحاضرة والمثاقفة وسائر الصنائع الرياضية».

وقال أبو حامد الغزالي (ت: 505) في «مقاصد الفلاسفة»، تحقيق: سليمان دُنيا، دار المعارف بمصر: 1961، 110: «وللجدل فوائد: الأول: إفحام كلِّ فضوليٍّ ومبتدعٍ، يسلك غير طريق الحق ويكون فهمه قاصرًا عن معرفة الحق بالبرهان، فيعدل معه إلى المشهورات التي يظن أنها واجبة القبول، كالحق، ويبطل عليه رأيه الفاسد...».

3- إن هذا الأسلوب الجدلي لم يقدم برهانًا قاطعًا لشك ذلك الشاب ـ وإن ترك فيه أثرًا نفسيًّا ـ فإنه لم يحمله على الصلاة من وقته، بل بقي «الشك في داخله» كما أخبر عن نفسه. والمتأمل يجد أن عودته إلى الله تعالى وإلى الصلاة لم يكن حال قدرته على «تغيير العالم»، بل حال عجزه التام، حيث قال له الطبيب: «ستموت خلال أشهر». وليتأمل القارئ وقع هذه الكلمة على نفس الإنسان حيث يواجه العجز واليأس والمصير المحتوم والموت الذي طالما تجاهله وتشاغل عنه. هداية نجيب الزامل رحمه الله كان بتوفيق الله أولًا، ثم بالإيمان المغروس في داخله نتيجة التربية والبيئة، ثم الشعور بالعجز التام والفقر التام إلى رب العالمين. لكنه لنزعته الفلسفية والأدبية غلَّف هذا الموقف الفطري بكلمات أستاذه. ومن المعلوم أن الإنسان في مثل هذه الحال ـ حيث الضعف واليأس والغربة والوحدة ـ يحنُّ إلى ذكريات الماضي، ويتشبث ببقاياها في الذاكرة، في تلك اللحظة استحضر الزامل صورة أستاذه وصوت كلماته.

4- إن الجواب الصحيح، الواجب شرعًا في هذا المقام، أن يقال بكل صراحة ووضوح: «نحن لا نصلي لتغيير العالم، بل نصلِّي أداءً لما يجب علينا من حقِّ الله تعالى لأنه ربنا وخالقنا ورازقنا وبيده محيانا ومماتنا، فحقُّه سبحانه أن نعبده ولا نشرك به شيئًا، ونخلص له التعظيم والمحبة والخوف والرجاء والشكر». هذا هو الباعث لصلاتنا، وهذا هو حقيقة الصلاة ومقصده وغايته، كما قال الله عزَّ وجلَّ: {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14) إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15) فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى (16)} [طه]، وقال تعالى: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45)} [العنكبوت]، وقال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (109)} [الإسراء].       

5- أما عبارة: «الصلاة تغيرنا ونحن نغير العالم»؛ فكلمة مجملة، وليس في كتاب الله وسنة رسول صلى الله عليه وسلم ولا في كلام علماء الإسلام دلالة عليها لا باللفظ ولا بالمعنى. فيقال هنا: ما هو التغيير المقصود؟ وما هو حدوده؟ وما هي مجالاته؟ إننا نعلم من كتاب الله تعالى علمًا يقينيًّا أن هذه الحياة الدار دار ابتلاء وامتحان واختبار، فحكم الله تعالى بحكمته أن يكون فيها مفاسد ومظالم وآفات ومنغصات وآلام ونصب ووصب؛ ليتم الابتلاء المقصود، ثم يكون الثواب والجزاء يوم القيامة، ففريق في الجنة، وفريق في السعير. قال تعالى: {وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48)} [المائدة]. وقال سبحانه في حكمة وجود الطبقية بين الناس: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (165)} [الأنعام]. وجعل الله تعالى الخلق والابتلاء والبعث سلسلة واحدة متكاملة متَّسقة، فقال سبحانه: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (7)} [هود]. وقال سبحانه: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2)} [الملك]، وقال تعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (4) مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (5)} [العنكبوت].

6- إذن؛ فالتغيير بالمفهوم المادي العصري ـ وهو مفهوم ليبراليٌّ يجعل (الإنسانَ) منطلقه ومنتهاه، ومحوره وغايته ـ لم يأمر الله تعالى به شرعًا، كما أنه غير ممكن كونًا وقدرًا، فهو نزعة مثالية وخيالية لا سبيل إليها، وهذا ما يعرف بالطوباوية، أو: يوتوبيا Utopia.

أما القاعدة القرآنية العظيمة فتقول: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة]، وأخبر الله تعالى أن الإيمان بالله والعمل الصالح ـ الذي شرطه ورأسه: العبادات ـ: كافيان في النجاة، من غير مشقة بالغة، ولا مثاليات مهلكة: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (42) [الأعراف]، فتأمل ـ أيها المسلمُ ـ هذه الجملة الاعتراضية في سياق هذه البشارة العظيمة: {لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}، واحمد الله تعالى على سعة رحمته، وسماحة شريعته، وإمكان دخول الجنة، ونيل النعيم الأبدي بأسباب شرعية محددة، معروفة، يسيرة: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21)} [الحديد].

7- أما التغيير الذي أمرنا به شرعًا؛ فهو التغيير المقدور لنا، فمنه تغيير ما في القلوب من الكفر والجحود والكبر والإعراض إلى الإيمان والإذعان والانقياد لله تعالى والإقبال عليه. وتغيير أقوال اللسان من الفحش والكذب والغيبة والنميمة والغفلة عن ذكر الله؛ إلى الصدق وطيب الكلام وذكر الله تعالى وتسبيحه ومناجاته. وتغيير سلوكنا من الظلم والبغي والعدوان والشر وسائر المعاصي والذنوب؛ إلى طاعة الله تعالى والإحسان إلى الخلق بالعدل والعفو والسماحة والقيام بالحقوق والسعي في حوائج الناس.

لا شكَّ أن للصلاة أعظم الأثر في هذا التغيير الإيماني والأخلاقي والسلوكي، كما قال تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت: 45]، وقال تعالى: { إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ (23) وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25) وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (26) وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (27) إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ (28) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (29) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (30) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (31) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (32) وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ (33) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (34) أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ (35)} [المعارج]. وقال سبحانه: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38) إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (40) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (41) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (47)} [المدثر]. واقرؤوا سورة الماعون.

8- يبقى هذا التغيير تغييرًا فرديًّا، ويبقى أثره في هذا (العالم) الدنيوي ـ بالمفهوم العام لهذا اللفظ ـ محدودًا وقاصرًا، لأن الله تعالى شاء بحكمته أن تكون الدنيا دار فساد ونقص وآفة: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41)} [الروم].

أما التغيير الحقُّ فهو يوم القيامة، حيث الحقُّ المطلق، والخير المطلق، والعدل المطلق، و(التغيير = التبديل) المطلق: {فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (47) يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48) وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (49) سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ (50) لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (51) هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (52)} [إبراهيم]. والحمد لله رب العالمين.

لقد رحل نجيب الزامل ولم يستطع أن (يغير العالم)، لكنه استطاع أن يغير نفسه بالإيمان بالله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وساهم في العمل الخيري، فأسس بعض الجمعيات الخيرية، وسعى في وجوه الخير ونفع العباد، وهذا الذي ينفعه ـ إن شاء الله تعالى ـ يوم القيامة: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89)}.

كتبه: عبد الحق التركماني

الأحد 27 رجب 1441هـ الموافق 22 آذار 2020م

شاركنا بتعليق

  • لا يوجد تعليقات بعد