موقع الشيخ عبد الحق التركماني - «البازار الخيري» في ميزان الإخلاص في النية والعمل

/ 27 أبريل 2024

للتواصل 00447432020200

«البازار الخيري» في ميزان الإخلاص في النية والعمل

نشرت بواسطة : إدارة الموقع / 3 فبراير 2024 556

«البازار الخيري» في ميزان الإخلاص في النية والعمل

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد: فقد كثر السؤال عن «البازار الخيريِّ» الذي شاع بين المسلمين وانتشر بسبب نشاط المؤسسات الخيرية التي تسعى في مساعدة المحتاجين وإغاثة الملهوفين؛ فكان من الوسائل التي لجَأَت تلك المؤسسات إليها لاستخراج الأموال من الناس إقامةُ ما اشتهر باسم: «البازار الخيري» أو: «السوق الخيري»، وقد يتضمن أيضًا: «المزاد الخيري»، وصار كثيرٌ من المسلمين يشاركون في البازار أو المزاد الخيري بنية التصدق في سبيل الله تعالى وابتغاء الأجر والثواب بهذا الفعل، وما لهم أَلَّا يشاركوا فيها وهم يرون بعض من يظنون فيهم العلمَ والفقهَ يشاركون فيها أيضًا، بل ينظمونها ويدعون الناس للمشاركة فيها تديُّنًا لله تعالى.

ولمَّا كان هذا الأمر في غاية الأهمية، لتعلُّقه بالإخلاص والنية من جهة، وبصحة العمل الصالح من جهة أخرى؛ وجب بيان الحكم الشرعي في هذه «البازارات والمزادات»؛ نصيحة لله ولدينه ولعامة المسلمين وخاصَّتهم.

تعريف «البازار الخيري»:

أول ما نذكره هنا أن (البازار) كلمة فارسية، ومعناها: «السوق»، وهي كلمة قديمة، انتشر استعمالها في بلاد المشرق، وهي في التركية الحديثة: Pazar، وعنها مادَّة ممتازة في «الموسوعة الإسلامية التركية»؛ وتدلُّ في استعمال أهلها على منطقة الأسواق العامة في المدينة. وتعرف بالإنكليزية ـ أيضًا ـ، ورغم أن «الموسوعة البريطانية» أشارت في مادة: (Bazaar) إلى أنها تستعمل في الإنكليزية الحالية للدلالة على متجر لبيع سلع متنوعة، أو على المعرض الذي يتم فيه بيع المنتجات المتنوعة، وأحيانًا يكون البيع للأعمال الخيرية؛ فإن الاستعمال الأشهر لكلمة (البازار) في بلاد الغرب هو للأسواق والمعارض الخيرية، وإن كانت تستعمل ـ أيضًا ـ لبيع المنتجات الشعبية أو المنزلية في المهرجانات والتجمعات التي تقام لمناسبة خاصَّة في زمان معين، ومكان معين.

ليس بحثنا في (البازار) من حيثُ كونُه سوقًا، سواء كان سوقًا ثابتًا، أو سوقًا موسميًّا، وإنما بحثنا في المركَّب الإضافي: (البازار الخيري - Charity bazaar)، فهذا القيد «الخيري» يخرج «البازار» عن كونه سوقًا عامًّا له أحكام سائر الأسواق، حيث لا يقصد به المساومة والربح، بل الصدقة والإحسان.

صورة هذه المسألة:

صورة هذه المعاملة أن يقصد «البائعُ» ببيعه التصدق بالمال الذي يكسبه مما يبيع، إما أن يتصدق بالربح ورأس ماله، أو بربحه فقط. أما «المشتري» فيقصد التصدق بالمال الذي يدفعه لشراء ما يشتريه؛ وقد تكون له فيما اشتراه رغبة وشهوة ومنفعة، مثل أن يشتري وجبة طعام يأكله، أو لا يكون له غرض فيما يشتريه إلا التصدق بقيمته، مثل أن يشتري لوحة فنية أو شيئًا من الأثاث القديم، وقد يتركه مهملًا في موضع البازار أو المزاد، لأن غرضه التبرع بالمال لا عين ما اشتراه. ثم إن العلاقة بين «البائع» و«المشتري» في «البازار الخيري» ـ في صيغته الظاهرة الملزمة للطرفين في حكم الشريعة، ثم في أعراف الناس وقوانين بلدهم ـ هي «عقد المبايعة»، وليست «تبرعًا»، لهذا فإنهم يدققون في الأسعار، ويتحاسبون في أجزاء العملة المالية، وبهذا الإيجاب والقبول يتم بينهم البيع الشرعيُّ.

تاريخ البازار الخيري:

معرفة تاريخ «البازار الخيري» أول مدخل للتصور الصحيح والحكم الصائب، فإن هذه المعاملة لم تعرف في التاريخ الإسلامي كلِّه، وإنما أخذها بعض المسلمين من التقاليد الغربية.

ظهر البازار الخيري في إنكلترا في العصري الفيكتوري (1837-1901). كانت المستشفيات تقيم الأسواق الخيرية لجمع المال، وشجَّعت الكنائس ذلك، واستعملتها أيضًا، ولما ضعف الإقبال على الأسواق الخيرية المجردة، أدخلوا عليها وسائل أخرى لجذب الناس، فاستعملوا المزادات والمسارح وحفلات الرقص، ودخلت النساء هذا الميدان بشكل واسع، وكانت المشهورات من الممثلات والراقصات من أهم وسائل إقبال الناس، كما تجده موثقًا في مادة (Charity bazaar) في (Wikipedia).

وقد شهد (البازار الخيري) تطورًا مطردًا مع تطور الحياة الغربية، فاستفاد من رفاهية المجتمع ووسائله الحديثة وحرص أفراده على الترفيه، وتحكُّم المادية والأنانية فيهم، وصار (البازار الخيري) مناسبة مهرجانية واحتفالية، وإن شئت فاقرأ عن «البازار الخيري» الذي أقيم في باريس عام (1897)، وكان في غاية التنظيم والفخامة، نظَّمته «الطبقة الأرستقراطية الكاثوليكية الفرنسية»، وحضره أكثر من (1500) شخص، وتفاجأ الحضور باندلاع الحريق في المبنى، فقُتل منهم (126) شخصًا، وأصيب العشرات.

مخالفة «البازار الخيري» للعقيدة الإسلامية:

أَدْرِي أنَّ القول بمخالفة «البازار الخيري» للعقيدة الإسلامية سيكون صادمًا لأكثر القرَّاء، مستنكَرًا عندهم، لأن هذه المعاملة من فروع الأحكام العملية، ومحلُّ بحثها في «مسائل الفقه»؛ فما علاقتها بالاعتقاد؟!

اعلم ـ أيها المسلم ـ أن «النية والإخلاص» من أصول الاعتقاد وشروط الإيمان، وأن حقيقة «الصدقة» في الإسلام هي تحقيق العبودية لله تعالى باستحضار النية والإخلاص لله بإنفاق المال. فالصدقة ـ من هذه الجهة، أعني: العبادة والنية والإخلاص ـ من صُلب عقيدة التوحيد، ومن أصول الايمان، فإنَّ المقصود بالصدقات ـ واجبةً كانت كالزكاة، أو مستحبة كسائر التبرعات ـ ابتداءً وأصالةً هو التعبُّد لله تعالى طاعةً لأمره وتقربًا إليه وابتغاء لمرضاته، أما منفعة الفقير فنتيجةٌ وثمرةٌ لإقامة العبودية لله تعالى.

ومن أسفٍ أن كثيرًا من المسلمين يجهلون هذا الأصل الأصيل، أو يغفُلون عنه، حتى ترسَّخ في أذهان كثير من المسلمين ـ ولو قلت: أكثر المسلمين؛ لما بالغتُ ـ: أنَّ المقصودَ من الصدقات ابتداءً وأصالةً منفعة الفقير والمحتاج!

وهذا الأصل مقررٌ في القرآن والسنة تقريرًا صريحًا قاطعًا، أذكر هاهنا طرفًا منه:

1- قد جعل الحقُّ سبحانه الإنفاق خالصًا لوجهه الكريم قرين الإيمان وامتدح أهله، وجعل الإنفاق للأغراض الدنيوية قرين النفاق والكفر وذمَّ أهله:

قال الله تعالى في سورة البقرة: {مَثَلُ الَّذِينَ ‌يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (٢٦١) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٢٦٢) قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (٢٦٣) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ ‌رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (٢٦٤) وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢٦٥) أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (٢٦٦)}.

وقال تعالى في سورة البقرة أيضًا: {الَّذِينَ ‌يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٢٧٤)}.

وقال تعالى في سورة النساء: {وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا (٣٨)}.

وقال الحقُّ سبحانه في سورة التوبة في المنافقين الذين لم يريدوا بعملهم وجهه تعالى: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ (54)}.

2- لهذا فإن المؤمن يبتغي بصدقته وجه الله والدار الآخرة، ولا يفسد نيَّته بأيِّ غرض دنيوي، قال الله تعالى في صفات عبادِه من أهل الجنة: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (٨) إِنَّمَا ‌نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (٩)} [الإنسان].

وبيَّن الله تعالى أن باعث المسارعة في الإنفاق عند المؤمن هو خشية الله تعالى وابتغاء مرضاته فقال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (٥٧) وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (٥٨) وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ (٥٩) وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (٦٠) أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (٦١)} [المؤمنون].

وأخرج ابن ماجة (4198)، والترمذي (3175) عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها سألتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ}؛ قالتْ عائشةُ: أَهُمُ الذين يشربون الخمرَ ويسرقون؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يا بنتَ الصِّديقِ! ولكنَّهم الذين يصومون، ويُصلُّون، ويتصدَّقون، وهم يخافون أن لا تُقبَلَ منهم؛ أولئك الذين يسارعون في الخيراتِ، وهم لها سابقون».

ولا شكَّ أن «الإخلاص» شرط لقبول الأعمال كلها، ومنها الصدقة، فإن الله تعالى لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصًا لوجهه الكريم: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا ‌وَلَا ‌يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (١١٠)} [الكهف].

وأخرج مسلم (2985) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: «قال الله تعالى: ‌أنا ‌أغنى ‌الشُّركاء عن الشِّركِ، من عمل عملًا أشْرَكَ فيه معي غيري تركْتُه وشِرْكَه».

3- فإن تقرَّر عند المسلم هذا الأصل العظيم فإنَّه يجعل أكبر همِّه في تصحيح نيَّته والإخلاص لربِّه في الإنفاق، أي: ينظر ـ ابتداءً وأصالةً ـ إلى إرادته وعمله هو، لا إلى نتيجة العمل وثمرته. وهذا أصل اعتقادي مهمٌّ لا بدَّ من بيانه، فأقول:

لا شكَّ أن المسلم يتحرَّى في إخراج صدقته أحقَّ الناس بها، وأحوجهم إليها، ويحرص أشدَّ الحرص أن لا تذهب ليدِ غير مستحقها، خاصةً إن كان يستعين بها على ما حرَّم الله تعالى ـ مثل الإدمان على المخدِّرات والمسكرات ـ؛ إلَّا أنه يعتقد اعتقادًا جازمًا أن صدقته لا تضيع ولو أنها وقعتْ في يد من لا يستحقها، ذلك أن المقصود من فعله ـ ابتداءً وأصالةً ـ إخراج ماله من يده تعبدًا لله تعالى، وانتفاعُ من يستحقها بعد ذلك هو ثمرةٌ هذه العبودية لله عزَّ وجلَّ، فلا يضرُّه إن تخلَّفت الثمرةُ، ما زال الأصل المقصود والغاية المطلوبة متحقِّقةً؛ وهي: التعبُّد لله تعالى ببذل المال الذي هو قرين النفس ومقدَّم عليها في كتاب الله تعالى، كما قال الحقُّ سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ ‌اشْتَرَى ‌مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} [التوبة: 111]، وقال عزَّ وجلَّ: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا ‌بِأَمْوَالِهِمْ ‌وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (١٥)} [الحجرات].

وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نموذجٍ عمليٍّ لهذه العقيدة الإسلامية في الصدقة:

أخرج البخاري (1421) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قال رجلٌ: لأتصدقنَّ بصدقةٍ. فخرج بصدقته، فوضعها في يد سارقٍ، فأصبحوا يتحدَّثون: تُصُدِّقَ على سارقٍ! فقال: اللهم لك الحمدُ، لأتصدقنَّ بصدقةٍ. فخرج بصدقته فوضعها في يدي زانيةٍ، فأصبحوا يتحدثون: تُصُدِّقَ الليلةَ على زانيةٍ! فقال: اللهم لك الحمدُ، على زانيةٍ! لأتصدقنَّ بصدقةٍ، فخرج بصدقته، فوضعها في يدي غنيٍّ، فأصبحوا يتحدَّثون: تُصُدِّق على غنيٍّ، فقال: ‌اللهم ‌لك ‌الحمدُ، ‌على ‌سارقٍ، وعلى زانيةٍ، وعلى غنيٍّ! فأُتِيَ فقيل له: أمَّا صدقتك على سارقٍ فلعلَّه أن يستعفَّ عن سرقته، وأمَّا الزَّانية فلعلَّها أن تستعفَّ عن زناها، وأمَّا الغنيُّ فلعله يعتبر فينفق ممَّا أعطاه الله».

وقوله: «فأُتِيَ» يعني: «فأُري في المنام» كما عند أحمد (8602).

وأخرج البخاري (1422) من حديث معن بن يزيد رضي الله عنه قال: كان أَبِي يزيدَ أخْرَجَ دنانير يتصدَّق بها، فوضعها عند رجلٍ في المسجد، فجئتُ فأخذتُها، فأتيتُه بها، فقال: والله ما إيَّاك أردتُ! فخاصَمْتُه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «‌لك ‌ما ‌نوَيْتَ ‌يا ‌يزيدُ، ‌ولك ‌ما ‌أخذتَ ‌يا ‌معنُ».

قال ابن حجر في «فتح الباري» 3/292: «في الحديث: أنَّ للمتصدق أجْرَ ما نواه، سواءٌ صادَفَ المستحقَّ أو لا».

4- وإذا حقَّق المسلمُ الشرطَ الأول لقبول صدقته، وهو الإخلاص لله تعالى؛ فإنه لا يغفُلُ عن الشرط الثاني لصحتها وقبولها، وهو موافقة الشريعة، فلا يعمل عملًا مخالفًا لكتاب الله وسنة نبيِّه صلى الله عليه وسلم. فهذان شرطان لا بدَّ من اجتماعهما حتى يكون العمل صحيحًا في ميزان الشريعة، مقبولًا عند الله تعالى: الإخلاص لله، والاتباع لشرعه.

أخرج البخاري (2697)، ومسلم (1718) من حديث عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو ردٌّ». وفي رواية عند مسلمٍ: «‌من ‌عمل ‌عملًا ‌ليس ‌عليه أمرنا فهو ردٌّ».

قال ابن رجب رحمه الله في «جامع العلوم والحكم» 1/176 (5): «هذا الحديث ‌أصلٌ ‌عظيمٌ ‌من ‌أصول ‌الإسلام، وهو كالميزان للأعمال في ظاهرها كما أن حديث: «الأعمال بالنيات» ميزان للأعمال في باطنها، فكما أنَّ كلَّ عمل لا يراد به وجه الله تعالى، فليس لعامله فيه ثوابٌ، فكذلك كلُّ عملٍ لا يكون عليه أمر الله ورسوله، فهو مردود على عامله، وكل من أحدث في الدين ما لم يأذن به الله ورسوله، فليس من الدين في شيء».

«البازار الخيري» من مظاهر الثقافة المادية والحياة الليبرالية الحديثة:

لقد ظهر «البازار الخيري» في بلاد الغرب في العصر الحديث ـ كما ذكرتُ آنفًا ـ لاستخراج التبرعات من الموسرين بعد أن ظهرت المذاهب الإلحادية، واستحكمت فيهم المادية، وضعفت ـ أو تلاشت ـ البواعث الدينية على الصدقة والإحسان، فرأى بعض العاملين في المؤسسات الخيرية أن لا سبيل إلى استخراج الأموال منهم إلا باختراع بعض «الأساليب الملتوية» يكون فيها حظٌّ لنفوسهم المادية الشحيحة، ويجدون فيها نتيجةً مباشرة لإنفاق المال؛ مثل: حضور حفلات الرقص والعروض المسرحية وموائد الأطعمة الشهية، فتكون هذه «الشهوات المباشرة» دافعًا لهم إلى بذل أموالهم!

لا جرَمَ أنَّ أهل الغفلة عن الله والدار الآخرة لا تتحرك فيهم بواعث الإحسان إلا بهذه الوسائل المادية والنفعية، التي تعود عليهم في العاجل بالمتعة والمنفعة، قبل أن تعود على الفقراء بمنفعة في الآجل؛ إن صدقت تلك المؤسسات الخيرية في تنفيذ ما تعِدُ به من الأعمال. ومصداق هذا في قول الله تعالى: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (١) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (٢) ‌وَلَا ‌يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (٣)} [الماعون]؛ فهو إن رحم اليتيم أو أطعم المسكين لا يفعل ذلك بباعث الإيمان بالله واليوم الآخر، بل ببواعث أخرى نفسية أو نفعية أو مادية أو اجتماعية.

إن من مظاهر هذه المادية ـ بل الأنانية ـ أن تجد الواحد من هؤلاء حريصًا أشدَّ الحرص على أن يجد أثرًا ماديًّا محسوسًا لصدقته وإحسانه، فيحرص على الحصول على شهادة مشاركة من الجهة المنظمة للبازار، أو يحرص على الاحتفاظ بالشيء الرمزي الذي اشتراه مقابل تبرعه، فيشتري ـ مثلًا ـ لوحة فنية بمبلغٍ ضخمٍ، ثم يعلقها في صدر مجلسه، فكلما جاءه زائرٌ بادر إلى شرح قصة تلك اللوحة؛ وأنه اشتراها من مزاد خيريٍّ بمبلغ كبير لمساعدة مرضى السرطان أو مكافحة شلل الأطفال. وما السرطانُ والشَّللُ إلا في فساد نيَّته وتفاخره بعمله، بخلاف المؤمن الذي يقول: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ ‌لَا ‌نُرِيدُ ‌مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (٩)} [الإنسان: 9].

لقد انتفى عند هؤلاء الماديين النفعيين شرطَا العمل الصالح الذي يلتزم به المسلم في تدينه وعبادته: الأول: شرط النية والإخلاص لله وحده. والثاني: شرط اتِّباع دينه وموافقة شريعته. فلا هم يريدون بعملهم وجه الله تعالى، ولا هم يلتزمون بشريعته وأحكامه.

ولانتفاء هذين الشرطين؛ فإنهم يتخذون أي وسيلة لتحقيق غايتهم، وإن كانت من المحرَّمات في الشريعة، بل حتى إن كانت من الوسائل القبيحة في حكم الفطر السويَّة، والعقول السليمة، والنفوس الشريفة، ويكفي أن ينظر العاقل السويُّ إلى هذه «البازارات» ويتأمل أحوال أكثر الناس فيها؛ ليعلم مصداق كلامي هذا:

- ففي (البوفيهات المفتوحة) تُستَأجَرُ الصالاتُ الفخمة، وتُقدَّمُ أصناف الأطعمة والحلويات، ويتمتَّع المشاركون بأَلذِّها، وينتقون أطيبَها، ولا يسلم اجتماعهم ـ في الغالب ـ من الإسراف والتبذير، والزينة والتفاخر، ثم ينصرفون وهم يشعرون بسعادة بالغة لأن جزءًا من سبعين جزءٍ مما تمتَّعوا به قد يصل إلى بعض الفقراء والمساكين!

-  وفي «مهرجانات البازار الخيري» يجتمعون بثيابهم الفاخرة وزينتهم الظاهرة للترفيه عن أنفسهم بالغناء والرقص والصور الجميلة ومظاهر الزِّينة والفرح، ويكون رَيعُ مهرجانهم ولهوهم وترفهم لصالح المتضررين من حرب قاتلة أو زلزال مدمِّر أو آفة عامَّةٍ ملئتْ نفوسَ من أصيب بها بالألم والحسرة والضِّيق والكآبة. فتخيَّل شعور أحد أولئك المساكين لو قُدِّر له أن يحضر ذلك «المهرجان» فيقال له: إنَّ هذه الرفاهية والبذخ والترفيه إنما هو بباعث التعاطف معكم! ومن أجل مساعدتكم! ومدِّ يد العون إليكم!

- أما عن سفاهة المزايدة على شراءٍ شيء تافهٍ، لا قيمة له في نفسه؛ فضرب من الجنون، يصعب فهمه وشرحه.

وقد حدثني أحد الأفاضل أنه حضر «مزادًا خيريًّا» أقامته إحدى المؤسسات (الإسلامية!) فلما بيعت جميع الأشياء المعروضة بادر أحد القائمين على المزاد إلى عرض «موزة» واحدة كانت ملقاة على الطاولة، فاشتراها أحد «المحسنين» بعشرة آلاف دولار. وبعد انتهاء الحفل خرج من المكان، ونسي أكل (موزته) أو أخذها!

ومثل هذا التصرف السخيف يذكِّرُني بخبر بيع (شريط فحص الحمل) الذي استخدمته المطربة الشهيرة بريتني سبيرز، ففي عام (2005) أقيم لبيع ذلك الشريط «مزاد خيريٌّ»، وانتهى ببيعه بمبلغ خمسة آلاف دولار!

ومن بحث في شبكة الانترنت سيجد وقائع كثيرة تخالف الفطرة والعقل، يعدُّونها من «العمل الخيري»!

أما المسلمُ فهو مقيَّد في نيَّته وقصده، ومقيَّد في عمله وتصرُّفه، فلا يريدُ إلَّا وجهَ الله، ولا يعملُ إلَّا ما يُرضي الله.

الحكم الشرعي لصور المعاملات في «البازار الخيري»:

يقام في «البازار الخيري» كثير من الأعمال والأنشطة، ولا يمكن الحكم على مفرداتها حكمًا شرعيًّا صحيحًا إلا بعد معرفة صورتها معرفة صحيحة. وقد ذكرتُ في أول هذا البحث صورة «البازار الخيري» إجمالًا، وأذكر هنا صور المعاملات الحاصلة فيه تفصيلًا مع بيان الحكم الشرعي فيها:

الصورة الأولى:

أن تقوم جماعة أو أفراد بعرض بضاعهم للبيع بنيَّة التصدُّق بالأثمان التي يحصِّلونَها ـ إما بالربح فقط، وإما بالربح ورأس المال ـ. والمشتري يشتري منهم بنيَّة الصدقة.

هذه الصورة عقدُ بيعٍ صحيحٌ:

أما البائع: فيؤجر على تصدقه برأس ماله أو بأرباحه؛ لأنه تصدَّق من حُرِّ ماله، وقدَّم على ذلك نيَّةً خالصةً لله تعالى.

أما إن كانت نيته من المساهمة في البازار الخيري الدعايةَ لشركته وبضاعته، وإثباتَ حضوره في السوق، ومنافسةَ غيره، أو غير ذلك من الغايات الدنيوية؛ فالله تعالى أعلم بنيَّته، ليس له من الأجر والثواب إلا ما نوى به وجه الله، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، ‌فمن ‌كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه».

وأما المشتري: فقد تملَّك ما اشتراه بعقد بيعٍ صحيحٍ، وهذا تصرفٌ عاديٌّ لا علاقة له ـ أَلبتَّةَ ـ بالعبادة والقُرْبَةِ.

ومن هنا فإن هذا المشتري ليس متصدِّقًا في حكم الشريعة، ولا ينال أجرَ الصدقة، فإنه بذل مالَه ثمنًا لعوضٍ معلومٍ، قبضَه، سواءٌ انتفع به أو لم ينتفع. فمن زعم أن هذا المشتري يُسمَّى في حكم الشريعة «متصدقًا»، وأن فعله من صور «الصدقة» بمفهومها الشرعي؛ فزعمه باطل، وقوله كذبٌ مردودٌ.

الصورة الثانية: ما يسمَّى بالبوفيه المفتوح:

وهو مثل الأول في كون كل من يدفع ثمنًا لدخول (البوفيه) فقد دخل في عقدِ بيعٍ صحيحٍ ـ على القول بجواز هذا العقد عند كثير من الفقهاء المعاصرين، وهو الصَّحيحُ الراجحُ، وقال آخرون بمنعه لما فيه من الجهالة والغرر ـ، فلا علاقةَ لهذه الصورة بالصدقة بتاتًا، ومن زعم أنَّ أكله من (البوفيه) من صور الصدقة التي جاءت بها الشريعة؛ فقد أعظم الفريةَ على الله عزَّ وجلَّ.

 الصورة الثالثة: المزاد الخيريُّ:

وهو مثل الصورة الأولى والثانية في كونه عقدَ بيعٍ صحيحٍ ـ إن لم يوجد سببٌ مانع من صحته كبيع ما لا يملك، وبيع ما يحرم بيعه ـ، وهذا العقد ليس من صور الصدقة والقربة، ومن باع شيئًا في مزادٍ، وقبض ثمنه، وأحبَّ أن يتصدق به؛ فله أجر صدقته، وليس للمشتري شيءٌ من ذلك، مهما كان في «المزاد» من المبالغة في رفع ثمن البضاعة.

أما ما يحصل في «المزادات الخيرية» من السفاهة والحماقة ـ مثل بيع موزة بعشرة آلاف دولار ـ فيحتاج إلى مزيد تفصيلٍ في التوصيف والإنكار، ومثل هذا قد خسر مالَه ولم يحصِّل شيئًا من الأجر والثواب، وهو سفيهٌ يجب تأديبه والحَجْرُ عليه، كما قال تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا ‌السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} [النساء: 5].

الصورة الرابعة: التبرع العينيُّ:

تقوم الجهة المنظمة للبازار بطلب التبرُّع بالمواد العينية من أصحاب المصانع والشركات والمخازن لغرض بيعها في البازار، وصرف عائداتها في وجوه الخير. وهذا الأسلوب يشجع أولئك على التصدُّق ببعض ما في مخازنهم، خاصةً أنه يَثْقُلُ عليهم التصدُّقُ بالأموال النقدية.

وهذه الصورة فيها ثلاثة أطراف:

- المتبرع بالمواد العينيَّة؛ وهذا التبرع صدقة صحيحة، يؤجر عليها المتصدق إن ابتغى بها وجه الله تعالى.

- المنظِّمون لهذا البازار؛ يؤجرون على سعيهم في وجوه الخير، كلٌّ حسب نيته وقصده.

- المشترون لتلك البضائع من البازار؛ يتملَّكون من تلك البضائع ما دفعوا ثمنه بعقد بيع صحيح، وتصرفهم تصرُّف عاديٌّ محضٌ، فهو ـ في نفسه ـ ليس صدقةً ولا قُربةً. لكنَّهم يؤجرون إن قصدوا بشرائهم تلك المواد تشجيع القائمين على السوق وإنجاح مشروعهم، كما يؤجر من يتعمد الشراء من بائع فقير الحال إعانة له، لا صدقةً عليه، فهذا من وجوه البر والإحسان ـ كما سيأتي ـ.

الصورة الخامسة: البازار الخيري لدعم أصحاب الصناعات اليدوية والمنتجين وأمهات البيوت:

 المقصود بهذا السوق ما تقوم به بعض الجهات الحكومية أو الأهلية من تسهيل أسباب التسويق والبيع لأصحاب الصناعات اليدوية والتقليدية، والمنتجين لبعض الأغذية والبضائع بجهودهم المحدودة، وكذلك للمتعفِّفات من أمهات البيوت اللاتي يسعَيْنَ لبيع مصنوعاتهم ومنسوجاتهم أو الأطعمة التي يجهزونها في منازلهم. جميع هؤلاء يجدون صعوبةً بالغةً في تسويق بضاعتهم، فتقوم تلك الجهات بدعمهم ومساعدتهم، بتهيئة المكان المناسب لعرض منتجاتهم وبضاعهم، والإعلان عن ذلك للجمهور، وتشجيعهم للشراء من هذا السوق من باب المعونة والمساندة لهذه الطبقة الضعيفة من المجتمع.

هذه الصورة خارجة عن بحثنا تمامًا، وهي نموذجٌ حسَنٌ من التكافل الاجتماعي والتعاونِ على البرِّ والتقوى والاستعفاف، والمعاملةُ في هذا السوق معاملة تجارية بحتة لا علاقة لها بالصدقة، لكن من قصد الشراء منهم بنيَّة إعانتهم وإعفافهم وإنجاح سعيهم؛ فلا شكَّ أنه يؤجَرُ على هذه النية الطيبة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من يسَّر على معسرٍ يسَّر الله عليه في الدُّنيا والآخرة، والله ‌في ‌عون ‌العبد ما كان العبد في عون أخيه». أخرجه مسلم (2699).

ويلحق بهذا: أن يراعي المشتري حال البائع، فيخصَّه بالشِّراء منه مساعدةً له، أو يزيد له في الثمن وينوي بما زاد على الثَّمن الأصلي التصدُّق عليه دون أن يحرجه. فهذا كلُّه من الأعمال الصالحة التي يؤجر الإنسانُ عليها.  

فهذه أشهر الصور، ولعل بعض العارفين ينبهني إلى صور أخرى، فأَستدركُها في هذا الموضع.

خاتمةٌ:

 هذا آخر هذا المقال الذي أردت به تنبيه إخواني من طلبة العلم والقَيِّمِينَ على المؤسسات الإسلامية وعامة المسلمين على حقيقة ما يسمى: (البازار الخيري)، أو (السوق الخيري)، وما فيه من المخالفة للمبادئ الإيمانية القائمة على تحقيق الإخلاص والاحتساب، والمخالفة ـ أيضًا ـ للشريعة الإسلامية ومقاصدها، وأن أصل اختراعه من الماديين والنفعيين، فهو من الدخيل على سلوك المسلمين وأخلاقهم، فالواجب المسلم تجنُّب الصور المخالفة التي نبَّهتُ عليها، وعدم تنظيمها، وعدم المشاركة فيها، والتحذير منها، وبيان ما فيها من المفاسد على عقيدة المسلم ونيته وإخلاصه، والمشابهة للغافلين عن الله تعالى والدار الآخرة.

والحمد لله رب العالمين.

كتبه:

عبد الحق بن ملا حقي التركماني

ليستر: الخميس 27 ربيع الأول 1445، الموافق: 12 تشرين الأول 2023

شاركنا بتعليق

  • لا يوجد تعليقات بعد