موقع الشيخ عبد الحق التركماني - دفع فرية عن العلامة ابن عثيمين رحمه الله حول العمليات الانتحارية

/ 26 أبريل 2024

للتواصل 00447432020200

دفع فرية عن العلامة ابن عثيمين رحمه الله حول العمليات الانتحارية

نشرت بواسطة : إدارة الموقع / 1 يوليو 2019 1524

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الأمين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

نازلة العمليات الانتحارية من القضايا المهمة التي تحتاج إلى بيان الحكم الشرعي فيها بالرجوع إلى الكتاب والسنة، وهذا ما فعله العلماء الربانيون الذين يبلغون الناس ما ظهر لهم من الحق والصواب، فلا يخافون في الله لومة لائم، ولا يخضعون لضغوط العواطف العواصف، ومن أولئك العلماء الأجلاء: العلامة الفقيه الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله، فقد تكلَّم في هذه المسألة في مواضع ومناسبات عدَّة، وقفتُ على خمسةٍ منها، وهي: في اللقاء الشهري (الشريط الصوتي: 22)، وشرح رياض الصالحين (الشريط: 5)، ومجلة الفرقان الكويتية (العدد: 79)، ومجلة (الدعوة) (العدد: 1598)، وملف صوتي منشور في الانترنت.

وهذه الفتاوى متداولة مشهورة، وليس الغرض إعادة نشرها في هذا الموضع، وكلامه فيها كلِّها متآلفٌ متشابهٌ متوافقٌ، فقد صرَّح فيها بتحريم العمليات الانتحارية بإطلاقٍ، وأنزل على مرتكبيها حكم قاتل نفسه، الذي جاءت الأحاديث الصحيحة الصريحة: بأنه في النَّار، خالدًا مخلدًا أبدًا. بل قال في فتواه لمجلة (الدعوة) سنة (1418) ولعلها آخر ما صدر عنه في هذه المسألة: (رأيي في هذا أنه قاتل نفسه، وأنه سيعذَّب في جهنَّم بما قتل به نفسَه؛ كما صحَّ ذلك عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم. لكن الجاهلُ الذي لا يدري، وفَعَلَهُ على أنه حسنٌ مرضيٌّ عند الله: أرجو الله سبحانه وتعالى أن يعفو عنه، لكونه فعل هذا اجتهادًا. وإن كنتُ أرى أنَّه لا عُذر له في الوقت الحاضر؛ لأن هذا النَّوعَ من قتل النَّفس اشتهرَ وانتشرَ بين النَّاس، وكان على الإنسان أن يسأل عنه أهل العلم، حتَّى يتبيَّن له الرُّشد من الغيِّ.)

فالشيخ رحمه الله يرى أن لا عذر بعد اشتهار حكم تلك العمليَّات، وُيقدِّر أن من سأل أهل العلم فلن يجيبوه إلا بتحريمها. وإذا كان حكم هذه المسألة عند الشيخ رحمه الله بهذا الوضوح فمن المُحال أن يقول بجوازها في بعض الأحوال، أو يشترط لجوازها المصلحة الراجحة، فمن المعلوم عند أهل العلم: أن اعتبار المصلحة وتقديرها إنما يَرِدُ فيما هو مشروع في ذاته، أو مباحٌ، أما المحرم بالنصِّ القطعي فلا مجال فيه للاجتهاد والاستصلاح إلا في صورة الضرورة الملجئة؛ على ما قاله أبو حامد الغزَّالي، وهو موضع نزاع ومناقشة لا مجال هنا لشرحه، أودعته في كتاب لي عن العمليات الانتحارية أرجو أن أنتهي منه قريبًا بعون الله.

والمقصود: أن الحكم الصريح الجازم من العلامة ابن عثيمين بتحريم تلك العمليات؛ كافٍ في إبطال أيِّ دعوى بأنَّ الشيخ رحمه الله علَّق جوازها باعتبار المصالح والمفاسد. ومع هذا فإنَّ بعض الفضلاء من طلبة العلم علق في ذهنه هذا الظنُّ الفاسد نتيجةَ زيادةٍ باطلةٍ منكرةٍ أُدرجت في آخر كلام الشيخ في (اللقاء الشهري) ونصُّها: (والحاصل: أنَّ مثل هذه الأمور تحتاج إلى فقهٍ وتدبُّرٍ، ونظرٍ في العواقب، وترجيح أعلى المصلحتين، ودفع أعظم المفسدتين، ثم بعد ذلك تقدَّر كل حالةٍ بقدرها.) انتهى.

وهذه الزيادة لم ترد في الشريط الصوتي المذكور، كما أنَّها لم ترد ـ ولا ما يُشبهها أو يُقاربها ـ في الفتاوى الأخرى للشيخ في هذه المسألة، بل إن كلامه فيها ـ كما أسلفت ـ يدفعها ويدلُّ على استحالة صدورها منه في هذا السياق. ومع ذلك فإن هذه الزيادة قد انتشرت، وتناقلها الناس دون الرجوع إلى الشريط الصوتي مع أنه منشور في الموقع الرسمي للشيخ ابن عثيمين على الانترنت، والله أعلم بالمصدر الأول لتلك الزيادة وبسببها! وهل كانت عن عمدٍ أم أدرجت خطأً وسهوًا؟!

ومهما يكن فقد وردت في: (جريدة الفرقان الكويتية)، العدد (145) الصادر في: 28/2/1422هـ، وفيه ملفٌّ صحفيٌّ بعنوان: (العمليات الفدائية: انتحار أم استشهاد؟)، ويفهم من افتتاحيَّته أنَّ الجريدة أرادت تدعيمَ فتوى سماحة مفتي المملكة العربية السعودية العام الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ حفظه الله في تحريم العمليات الانتحارية، فأعادت نشرها كاملة، ونشرت معها فتوى للشيخ الدكتور صالح بن غانم السدلان حفظه الله صرَّح فيها بالتحريم، وفتوى سابقة للشيخ ابن عثيمين رحمه الله صرَّح فيها بالتحريم أيضًا، وذكرت بعدها هذه الفتوى تحت عنوان: (الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في اللقاء الشهري (20).). وفي آخرها تلك الزيادة الباطلة. ويغلبُ على الظنِّ أن الجريدة قد نقلتها بواسطة ولم ترجع للتسجيل الأصلي.

ووردت تلك الزيادة أيضًا في: (موسوعة الأسئلة الفلسطينيَّة، أسئلة وأجوبة شرعية حول القضية الفلسطينية) صدرت عن: مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقيَّة، ط1/الإصدار الخامس: 1423هـ، ص: 129-131، وعُلِّق عليها بما نصُّه: (المرجع: اللقاء الشهري رقم (22).). وذكرها أيضًا مصرِّحًا بنقلها عن هذه الموسوعة: د. نواف هايل تكروري في (العلميات الاستشهادية في الميزان الفقهي) ط: 4/1423هـ، ص: 173-174.

وذكرها أيضًا: محمدُ بن فهد الحصين في: (الفتاوى الشرعية في القضايا العصرية)، ط1/1424هـ، ص: 129-131، وعزاها إلى: (اللقاء الشهري (رقم 22).).

وذكرها الشيخُ مشهور حسن آل سلمان في (السلفيون وقضية فلسطين) ط1/الإصدار السادس 1423هـ، ص: 58-60، وقال في صدر نقله لها: (وقد صرح بذلك في (اللقاء الشهري) (20)، وهذا نص السؤال والجواب بالحرف:…) وعزا الشيخ مشهور ما نقله إلى: (جريدة الفرقان). فهو لم ينقل (نصَّ السؤال والجواب بالحرف) من (اللقاء الشهريِّ) وإنما نقله من تلك الجريدة، وبالله تعالى التوفيق.

كتبه:

عبد الحق التركماني

شاركنا بتعليق

  • لا يوجد تعليقات بعد