موقع الشيخ عبد الحق التركماني - ملاحظة من شرطي سويدي

/ 19 أبريل 2024

للتواصل 00447432020200

ملاحظة من شرطي سويدي

نشرت بواسطة : إدارة الموقع / 1 يوليو 2019 1636

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الأمين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

أبدى لي ضابط من الشرطة السويدية ملاحظة نادرة من مثله، قال: لقد لاحظت في مدة خدمتي التي تزيد على ثلاثين عامًا أن الإسلاميين يشاركون ـ غالبًا ـ اليساريين والماركسيين في المظاهرات والاحتجاجات التي ينظمونها، وحسب معرفتي بالإسلام فإنني أفترض أن تكونوا أنتم المسلمين أبعد الناس عن الماركسيين، وأفترض أيضًا أن تكونوا قريبين من التيارات النصرانية والرأسمالية.

قلتُ للضابط: لم تخطئْ في افتراضاتك، ولكن الإسلاميين هم الذين أخطؤوا في فهم حقيقة الإسلام أولاً، وأخطؤوا في العمل به ثانيًا. فالإسلام ـ الدين الحق ـ يحترم رؤوس الأموال ولا يصادر ممتلكات الأغنياء، ولا يربي أبناءه على الحقد والكراهية لهم، بل المسلم ملزم بالاعتقاد بأن توزيع الأموال بيد الله وحده، وكلٌّ مكلَّف بالسعي والعمل بحسبه من غير ظلم ولا بغيٍ: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} [الزخرف:32]، ونقرأ في كتابه العزيز: {َلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى} [المائدة: 82]، وقد وجد المسلمون من الشيوعية الماركسية ـ في الاتحاد السوفيتي وخارجها ـ أشدَّ الظلم والعدوان والبغي.

وما أن فارقتُ الضابط حتى التفتُ إلى صاحبي مسترسلاً في إكمال جوابي بما لم أتمكن من الإفصاح به للأول، فقلتُ: يا له من سقوط ديني وأخلاقي للحركة الإسلامية، انتبه له حتى من لا يحمل عقيدة الإسلام، لكنه أدرك بحكم العقل أن من رضي بالله ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمد رسولاً؛ فمن المحال أن يلتقي مع من أصل فكره ومبدئه قائم على التكذيب بل الرفض والعداء لأي عقيدة في الله الخالق حتى لو كانت عقيدة محرفة فكيف بعقيدة التوحيد؟ ولكلِّ الأديان فكيف بدين الإسلام؟ ولكل الأنبياء والمرسلين فكيف بآخرهم وخاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم؟

قال صاحبي: هذا ضلال بعيدٌ ينتبه له كل من له أدنى معرفة بعقيدة الإسلام، وينفر منه كل من له فطرة سليمة؛ فما هو السرُّ في ضلال هؤلاء؟ وما الذي جرَّأهم على الإقدام على هذه المهلكة؟

قلتُ: إن الفكر الحركي ـ الذي به تلوثت عقيدتهم، وانحرفت فطرهم ـ هو أصل هذا الداء، لأنه قائم على تفسير الدين بأنه مغالبة على الدنيا، ووسيلة لتحقيق التنمية والرفاهية وتوزيع الأموال وإعمار الأرض. فهم على استعداد للقيام بأي شيءٍ لتحقيق هذه الغاية العظمى التي بها يفسرون معنى العبادة والدين، كما تجده صريحًا في كتابات المودودي وسيد قطب وغيرهما.

وبسبب هذا الفكر زعموا أن الإسلام دين الاشتراكية، حتى أن الشيخ محمد الغزالي والدكتور مصطفى السباعي وغيرهما قد ألفوا في (اشتراكية الإسلام)، أما سيد قطب فاختار لكتابه عنوان (العدالة الاجتماعية في الإسلام)، وقرر فيه المبادئ الاشتراكية، ومن أجلها طعن في جماعة من الصحابة الكرام، واعتبر خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه فجوة في تاريخ الإسلام وانحرافًا عن روحه، ومدح الخارجين عليه وأثنى على ثورتهم، التي كانت أول خرم في بنيان الأمة.

إذن فلا عجب أن يشارك الإسلاميون الحركيون أشد أهل الأرض إلحادًا وعداء للدين في المظاهرات، وقد فعلوا أكثر من ذلك عندما تحالفوا مع الشيوعيين ـ المرتدين ـ في سوريا وغيرها، وقبل ذلك تحالف جيلهم الأول مع الضباط الأحرار في مصر، وأسقطوا النظام الملكي، فعجل الله تعالى عليهم العقوبة فسلط عليهم من تحالفوا معهم خيانةً وغدرًا. وقبل أسابيع قرأنا عن تحالف جديد بين الحركة الإسلامية في تونس بقيادة راشد الغنوشي والشيوعيين الملاحدة ضد نظام زين العابدين، وهو ـ بيقين ـ أقل سوء وشرًّا من الشيوعيين، ولكن الحركيين لا يفقهون! ويطالب الغنوشي دائمًا بإطلاق الحريات والسماح للأحزاب الشيوعية بالعمل الفكري والسياسي في بلاد الإسلام، وأصدر بيانًا (18/12/1992م) طالب فيها الأردن بالسماح بحق الأحزاب الشيوعية في الاعتراف بها (كما في كتابه: الحريات العامة في الدولة الإسلامية، ص 354)، وتم الاعتراف بالحزب الشيوعي الأردني (1993م) بعد التصويت على المشروع في مجلس النواب، حيث صوَّت نوَّاب جبهة العمل الإسلامي لصالح الاعتراف، وهو وَهُمْ في ذلك على خُطا إخوانهم في مصر، حيث يطالبون الحكومة المصرية بذلك أيضًا.

وحتى يثبت الغنوشي أن مواقفه هذه ليست مجرد مناورات سياسية؛ أعلن من مكتبه بلندن (سبتمبر 2007) عن الإضراب عن الطعام تضمانًا مع أحمد نجيب الشابي ومية الجريبي ـ وهما من قيادات الحزب الديمقراطي التقدمي ـ في إضرابهما عن الطعام!

هذا هو الإسلام الجديد الذي يبشر به الحركيون بعد أن جرَّدوه من حقائقه العَقْدية والدينية، ليصبح مشروع مغالبة على المكاسب المادية. ولا يظننَّ أحدٌ أن الحركيين لن يبلغوا بعض غاياتهم بهذه الطريقة، بلى إنهم سينالون ما قدَّره الله لهم في الدنيا فتنةً لهم: {ّمَن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَّدْحُوراً، وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً} [الإسراء: 18-19]، فليختر كلُّ امرئٍ الطائفة التي يريد أن يكون منها، وكلٌّ حسيب نفسه!

كتبه:

عبد الحق التركماني 

شاركنا بتعليق

  • رضى

    15 نوفمبر 2020

    نعم شيخنا كل من خالف دعوة الأنبياء والمرسلين عليهم السلام كان مصيره وغايته ضلال و زيغ

    جزاك الله خيرا شيخنا الحبيب الله يحفظك ويبارك فيك

  • رضى

    15 نوفمبر 2020

    نعم شيخنا كل من خالف دعوة الأنبياء والمرسلين عليهم السلام كان مصيره وغايته ضلال و زيغ

    جزاك الله خيرا شيخنا الحبيب الله يحفظك ويبارك فيك