موقع الشيخ عبد الحق التركماني - نصيحة زنديق لمرتدة

/ 24 أبريل 2024

للتواصل 00447432020200

نصيحة زنديق لمرتدة

نشرت بواسطة : إدارة الموقع / 1 يوليو 2019 1377

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الأمين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

جمعت ندوة في السويد (حزيران 2006) بين زنديقٍ ومرتدَّة، وكان موضوعها عتب المرتدَّة على الزنديق في تلكُّئه في التنديد بالشريعة الإسلامية ووصفها بالتخلف والوحشية[1].

أما الزنديق فهو الدكتور طارق رمضان، الفيلسوف السويسري من أصل مصري، فأبوه سعيد رمضان من رموز حركة الإخوان المسلمون ومن أوائل الإسلاميين الذين اختاروا الإقامة في الغرب، وأمُّه بنتُ حسن البنَّا مؤسس الحركة.

أما المرتدة فهي الصومالية أيان هيرسي علي، المعروفة بعدائها الشديد للإسلام بوقاحة وجرأة بالغة، مما حدا بالحزب الليبرالي الهولندي تسهيل الطريق لها لدخول البرلمان، كما نالت تكريم وزيرة الهجرة الهولندية لها بعدم إسقاط الجنسية عنها رغم فضيحة حصولها عليها بالكذب والاحتيال يوم قدمت إلى هولندة لاجئة (1992)، واضطرت هيرسي عند انكشاف أمرها إلى الاستقالة من البرلمان، فكرَّمتها إحدى المؤسسات المعادية للإسلام في الولايات المتحدة بتوظيفها لديها.

تميَّزت المرتدة في هذه الندوة ـ كما في غيرها ـ بصدقها وصراحتها ووضوح عباراتها، فهي تقول بالحرف الواحد: (إنها لا تؤمن بالله، ولا أن السماوات خلقت في ستة أيام، وتعتقد أن الإسلام دين العرب، وهو دين متخلف قائم على العنف والتمييز والإرهاب!)

أما الزنديق فقد تميَّز في هذه الندوة ـ كما في غيرها ـ بالالتواء والكذب والنفاق والتلاعب بالألفاظ ومحاولة استرضاء جميع الأطراف.

واضطرَّت المرتدَّة إلى مواجهة الزنديق بحقيقته، فقالت له: (إنك متلون، والإرهابي ابن لادن خير منك، لأنه يتصرف على ضوء ما يدين به، أما أنت فتعتقد شيئًا وتقول شيئًا آخر، وتستنكر أشياء وتسكت عن أشياء آخر.)

هنا شعر الزنديق بالإهانة وتكلَّف شيئًا من الرجولة، ليقول لها بعبارة واضحة: (أنا أيضًا ضد حدِّ القتل في الإسلام، وضد حدود العقوبات الجسدية، وضد التمييز ضد المرأة، وضد العنف ومصادرة الحريات. نحن لا نختلف في استنكار هذه الأمور، الملاحظة الوحيدة التي عندي عليكِ: هو أنكِ تنسبين هذه الحدود والأحكام إلى الإسلام مباشرة، ثم تحكمين على الإسلام بأنه دين العنف والتمييز والظلم للمرأة.)

ثم استطرد سبط حسن البنَّا ليقول لهيرسي ناصحًا لها بإخلاصٍ ـ ما معناه ـ: (إنك بهذه الطريقة تستطيعين الإثارة، وجلب الأضواء، ولكنك تغضبين المسلمين وتجعلينهم أعداء لك، ولا تحققين أي تغيير لصالح أفكارنا. لهذا فأسلوبك غير مجدٍ، أما أنا فأنتهج أسلوبًا يحقِّق الأهداف ولا يثير المسلمين عليَّ، فأنا لا أقول لهم: إن هذه الحدود والأحكام هي الإسلام وبالتالي يجب أن نُدين الإسلام. ولكني أقول لهم: إنَّها فهمكم وتفسيركم للإسلام، لهذا فعليكم تغيرهما بما يوافق العصر، وكل الأحكام قابلة للتغيير وإعادة قراءتها في ضوء التاريخ والأعراف والمؤثرات الخارجية، الشيء الثابت في الدين هو ـ فقط ـ ما يتعلق بالعبادات كالصلاة والصوم، فهذه لا يمكن إعادة النظر فيها، وما عدا ذلك فهو خاضع للتغيير. بهذه الطريقة نستطيع أن نصل إلى كثير من المسلمين، ونؤثر فيهم، ونحدث تغييرًا جذريًّا في المفاهيم والقيم لدى المسلمين، إنه أسلوب بطيء ولكنه فعال وناجع،…)

إذن هذا هو منهج الجيل الليبرالي الجديد من أبناء الحركة الإسلامية في السعي لتخريب الإسلام وإفساده من الداخل، وهم في ذلك على خطا الزنادقة الأوائل في المكر والكيد، والفرق بينهم وبين المرتدين: أنَّهم ينتسبون إلى الإسلام ويقيمون بعض شعائره ويعتقدون الكفر ويظهرون ما استطاعوا منه في قالب التأويل والاجتهاد والرأي، مخادعةً للمسلمين واتقاء لغضبهم عليهم وعقوبتهم إياهم، أما المرتدون فقوم يظهرون الكفر جهارًا نهارًا، ويتبرؤون من الإسلام وأهله. فالزنادقة ـ إذن ـ شرٌّ من المرتدين، وخطرهم على الإسلام وأهله أشدُّ، وهم إلى ذلك شرٌّ من المنافقين الأولين الذين اعتقدوا الكفر وأظهروا الإسلام حفاظًا على مصالحهم الشخصية، ولم يكن لهم مشروع فكريٌّ لمحاربة الدين، وإنما كانوا يخونون ويغدرون كلمَّا أمكنهم ذلك، فكان ضررهم على المسلمين منحصرًا في الجانب العملي فقط.

والصراع مع الزنادقة الجدد من أهم ميادين الصراع مع أعداء الدين، وفضح كفرياتهم وهتك أستارهم أمام الخاصة والعامة من المسلمين؛ أقلُّ ما يجبُ على أهل العلم والإيمان من التصدِّي لهم ومواجهة شرِّهم، والله تعالى ناصر دينه، ومعلي كلمته، ومتم نوره ولو كره الكافرون.

كتبه:

عبد الحق التركماني


[1] http://www.dailymotion.com/video/x5dfxq_ramadan-tariq-and-ayaan-hirsi-ali-d_webcam

شاركنا بتعليق

  • لا يوجد تعليقات بعد