موقع الشيخ عبد الحق التركماني - إعصار ساندي

/ 21 حزيران 2025

للتواصل 00447432020200

إعصار ساندي

نشرت بواسطة : إدارة الموقع تاريخ غير محدد 835

الحمد لله رب العالمين، القوي المتين الذي لم يتَّخذ ولدًا، ولم يكن له شريك في الملك، ولم يكن له وليٌّ من الذلِّ، فسبحان الله ربِّ العرش عما يصفون. وأشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له، القائل في محكم كتابه المبين: ‌{قُلْ ‌مَنْ ‌يُنَجِّيكُمْ ‌مِنْ ‌ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (٦٣) قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ (٦٤) قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (٦٥)}. وأشهد أنَّ محمدًا عبده الصادق الأمين، بلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، فصلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وأنصاره إلى يوم الدين.

 عباد الله: اتقوا الله حقَّ التقوى، وتمسَّكوا من الإسلام بالعروة الوثقى، واعلموا أنَّ الله تعالى لم يخلقنا عبثًا، ولم يتركنا هملًا، بل لغاية عظيمة وهي أن نعبده وحده لا نشرك به أحدًا، كما قال سبحانه: {‌وَمَا ‌خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦)} [الذاريات]، لهذا أرسل الله تعالى {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ‌لِئَلَّا ‌يَكُونَ ‌لِلنَّاسِ ‌عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (١٦٥)} [النساء]، فكان آخرهم وخاتمهم وإمامهم محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام، أرسله ربه {بِالْهُدَى ‌وَدِينِ ‌الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (٢٨)} [الفتح]، ولكنَّ أكثر الناس لا يعقلون ولا يعلمون ولا يشكرون، بل يعاندون ويستكبرون ويعرضون، خاصة في هذه العصور المتأخرة إذا ما قورنت أحوال البشر، بما حصل من انتشار العلم والمعرفة، وتقارب المسافات والأزمان والثقافات، وعلم أكثر الناس بدعوة الإسلام. فلا تجدوا أكثر الناس إلا منهمكين في أمر الدنيا، منشغلين بها عن أمر الآخرة {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ‌وَهُمْ ‌عَنِ ‌الْآخِرَةِ ‌هُمْ ‌غَافِلُونَ (٧) أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا ‌إِلَّا ‌بِالْحَقِّ ‌وَأَجَلٍ ‌مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ (٨) أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٩)} [الروم]. لقد اشتغلوا بالمادة ونسوا ربَّ المادة وخالقها، واغتروا بقوتهم وغفلوا عن القوي العزيز الذي بيده الأمر كله. وبينما يتيه الإنسان الضعيف الصغير في دروب الحياة المادية وشهواتها، يأتيه التنبيه، يأتيه التذكير، تأتيه الموعظة والعبرة، إذا به يشعر بضربة قوية على قفاه، لعله يصحو من نومه، وينتبه من غفلته، ويتراجع عن كبره وغروره. تأتيه بعض آيات الله عز وجل زلازل وبراكين وفيضانات وأعاصير، لعله يتذكر، لعله يرجع، لعله يتعظ، لعله يتواضع وينكسر، بعد ذلك الكبر والعجب والغرور والطغيان {‌ظَهَرَ ‌الْفَسَادُ ‌فِي ‌الْبَرِّ ‌وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٤١)} [الروم].

 نعم يا عباد الله: هذه الدار دار ابتلاء وامتحان، لا دار أمن وأمان، فاسمعوا لهذا النداء الرباني العظيم: {أَفَأَمِنَ ‌أَهْلُ ‌الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (٩٧) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (٩٨) أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (٩٩)} [الأعراف]. فتأملوا أيها المؤمنون، تأملوا حال الذين أمنوا مكر الله، وظنوا أنَّ حضارتهم المادية، أنَّ أبراجهم وأبنيتهم وحصونهم وقواتهم مانعتهم من عقوبات رب العالمين {‌وَكَذَلِكَ ‌أَخْذُ ‌رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (١٠٢)} [هود]. فانظروا أخوة الإيمان، انظروا إلى هذه النازلة بعين البصر والبصيرة والعبرة والعظة، واستحضروا وأنتم تشاهدون آثار ونتائج ومخلفات (إعصار ساندي)، استحضروا عظمة الخالق العظيم، وقوته وقدرته وجلاله، الذي {‌إِنَّمَا ‌أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٨٣)} [يس]. قال ربنا جل شأنه: {فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا ‌وَبِئْرٍ ‌مُعَطَّلَةٍ ‌وَقَصْرٍ ‌مَشِيدٍ (٤٥) أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (٤٦)} [الحج]. وقال سبحانه: {وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ ‌إِلَّا ‌تَخْوِيفًا (٥٩)} [الإسراء]. قال قتادة رحمه الله: (إنَّ الله يخوف الناس بما شاء من آياته، لعلهم يعتبرون أو يرجعون) «تفسير البغوي» 5/102. وقال ابن القيم رحمه الله: (وقد يأذن الله سبحانه للأرض في بعض الأحيان بالتنفس، فتحدث فيها الزلازل العظام، فيحدث من ذلك لعباده الخوف والخشية والإنابة، والإقلاع عن المعاصي والتضرُّع إلى الله سبحانه والندم. كما قال بعض السلف وقد زلزلت الأرض: إنَّ ربكم يستعتبكم، أي: يطلب منكم العتبى، أي: التوبة والرجوع اليه) «مفتاح دار السعادة» 2/630. فجميع ما يقع في هذا الوجود، من حوادث وتقلُّبات ونوازل وهموم صغيرة أو كبيرة حقيرة أو جليلة، فكلها بإرادة الله عز وجل ومشيئته وحكمته، وفي ذلك حكم عظيمة ومنافع كبيرة وآثار بالغة، ليرى الناس عاقبة الكفر برب العالمين، والإعراض عن عبادته وتوحيده، كما قال تعالى: {وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ ‌بِمَا ‌صَنَعُوا ‌قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ(٣١)} [الرعد]، ولتتأدَّب النفوس المستكبرة، المتعالية المعرضة الظالمة بكفرها وإعراضها عن ربها وخالقها، والظالمة أيضا بطغيانها وعدوانها على غيرها من خلق الله، فلا أدَّوا حقَّ رب العباد، ولا حفظوا حقوق العباد، تلك النفوس لا بدَّ أن تنكسر وتتأدَّب وتنقمع عن كبرها واغترارها. كما قال ربنا سبحانه: {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٤٠) بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ (٤١) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (٤٢) فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٤٣) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (٤٤)} [الأنعام]، يتضرَّعون أي يتذلَّلون. فالله تعالى يعامل الناس بما يصلحهم ويردهم إليه، فيتواضعون ويتذللون ويقبلون على ربهم، أو يقيم الحجة عليهم بما يظهر الله تعالى لهم من آياته العظيمة، وآثار قدرته وقوته وقيوميته على من في السماوات والأرض، فليمنعوا عن أنفسهم ما يصرف الله تعالى فيهم من الآيات، التي يسمونها بالكوارث الطبيعية إعراضًا واستكبارًا، وليدرك العاقل هوان هذه الدنيا، وسرعة ذهاب محاسنها، وزوال متعها، وانهيار بنيانها إذا سلط الله عليها جندًا من جنوده. هذه الدنيا التي يتسابقون من أجلها، ويتنافسون فيها، ومن أجل نيلها والاستكثار من متعها وحطامها، يتظالمون ويبغون ويتقاتلون ويسرقون ويخونون ويكذبون ويغدرون ويُرابون، فهلَّا تفكروا فيما يتنافسون، وعلى ماذا يتقاتلون؟ على هذه الدنيا الزائلة الفانية الزائفة، التي يدمرها زلزال أو إعصار، وما وراء ذلك من قوة الله عز وجل وقدرته فأعظم وأجل وأكبر. لهذا يعظكم ربكم ويذكركم بحقيقة هذه الحياة الدنيا الفانية، فيقول لكم وقوله الحق سبحانه: {اعْلَمُوا ‌أَنَّمَا ‌الْحَيَاةُ ‌الدُّنْيَا ‌لَعِبٌ ‌وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (٢٠)} [الحديد].

أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلني وإياكم من المتفكِّرين المتذكِّرين المتَّعظين. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين فاستغفروه.

الخطبة الثانية:

الحمد لله حمدًا كثيرًا كما أمر، وأشكره وقد تأذن بالزيادة لمن شكر. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولو كره ذلك من أشرك به وكفر، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله سيد البشر الشافع المشفَّع في المحشر، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه خير صحب ومحشر، وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد:

فعند مثل هذه الحوادث العظيمة، يأتي الشيطان إلى بعض الناس ليشغلهم عن حقائقها ومعانيها وغاياتها، فيلقي إليهم الجدال في مسألة الشماتة بأعداء الله تعالى إذا نزلت بهم النوازل والمصائب، وحلت بدارهم العقوبات الإلهية، وحكم الدعاء عليهم ونحو ذلك من المسائل، وهي مسائل يحتاج المسلم الى معرفة حكمها، لكن على وجه العلم بالحكم الشرعي واتباع الحق، وليس للجدال والخصومة، ولا شك بجواز الدعاء على الظلمة المعتدين، وبجواز الفرح بما ينزله الله تعالى من العقوبات الكونية فيهم لعل فسادهم وظلمهم وبغيهم ينقطع أو يضعف، لكنَّ الأمر يا عباد الله أعظم من ذلك كله، فمثل هذه الحوادث الكونية الكبرى يجب ألا تمر علينا خاصة في هذا العصر، حيث نراها في وسائل الإعلام رأي العين، وكأنها حلت بدارنا واطبقت علينا من كل جانب، يجب ألَّا تمر دون تذكرة وعبرة وموعظة، دون رجوع إلى الله رب العالمين، والانكسار بين يديه واللجوء والتضرع إليه، حتى لا نكون من الذين طال عليهم الأمد فقست قلوبهم، وكثير منهم فاسقون، وحتى لا نكون ممن قال ربنا فيهم: {إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ (٧) أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (٨)} [يونس]،أعاذني الله وإياكم من النار وحال أهلها. ثم إنَّ المسلم صاحب رسالة وغاية، فلا تحكمه الأحقاد ولا يقف نظره وفكره عند مظاهر التدافع بين البشر، بل هو يحمل هم الدعوة دين الله عز وجل ويحرص على هداية الناس وإصلاحهم، وله في رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة والقدوة، عندما جاءه جبريل عليه الصلاة والسلام في مرحلة من أشد مراحل الدعوة عليه، وقد اشتد عليه أهل مكة بالإيذاء، ورفض أهل الطائف دعوته، فناداه فقال: (إنَّ الله عز وجل قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك، وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، فقال ملك الجبال: قد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك فيما شئت، إن شئت أن اطبق عليهم الأخشبين ـ يعني جبلي مكة ـ فيهلكهم جميعًا فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا) «صحيح البخاري» (3059). ولهذا لما سئل الإمام الراحل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى عن الفرح بزلزال حصل في اليابان فقال: (يُفرح بها لأنها قد تكون موعظة لهم، قد تكون فيها هداية)، فتأملوا يا عباد الله جواب هذا العالم الرباني الذي يحمل هم الدعوة وهم الهداية للناس أجمعين أنه يرجو الخير والصلاح للناس حتى فيما تنزل عليهم من الحوادث الكونية، فهكذا يجب وينبغي أن يكون عليه همُّ المسلم وهمَّته، اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم فهو الأسوة والقدوة، واتباعًا لعلماء الأمة الربانيين.

 أسأل الله سبحانه أن يعلمنا ما ينفعنا، وينفعنا بما علمنا، ويجعلنا هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضلين.

شاركنا بتعليق

  • لا يوجد تعليقات بعد